قصة قائده شجاعة نجحت بالإرادة القوية والمثابرة

53_Hadia Hamdy Abdel Aziz

أول معرفتي ب د.هاديه كانت وقتها رئيسة مركز “بداية” لريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة في هيئة الإستثمار. اتقابلنا بعدها كذا مرة في أماكن مختلفة بصفات مختلفة ولأسباب مختلفة.  العامل المشترك كل مرة بالنسبة لي كان شخصيتها الهادية اللطيفة المريحة اللي في نفس الوقت قوية ومحددة وصارمة.  حب فريقها واحترامهم ليها واضح من أول لحظة.  قائدة عارفة تعمل المعادلة الصعبة اللي ستات كثيرة بتحاول توصل لها.  اليكم قصتها الملهمة المليانة دروس مهمة لكل ست بتدور على معادلة النجاح الصعبة

اتربيت في وسط عيلة علمية صرف. بابا وماما اساتذه باحثين فى مجالات علمية زرعوا فيه حب العلم والطموح والاعتماد على النفس.  وعلشان انا كنت شاطرة، خيبت املهم فى انى ابقى طبيبة لما قررت ادخل أدبى لكن انا كنت باحب الادب والاعلام اوي وكنت دايما باحلم ان يبقى ليا تاثير ايجابى على الناس وافكارهم

دخلت الجامعة الأمريكية بمنحة تفوق وتخصصت فى ادارة الاعمال لانه اكتر تخصص فيه فرص عمل وبدات اشتغل كل صيف واحيانا فى وقت الدراسة علشان اكتسب خبرة لحد ما الحمد لله اتخرجت بتفوق. من قبل ما أتخرج كنت باقدم فى اماكن كتير علشان اشتغل ولانى مكنتش متخيله فكرة ان ميبقاش ورايا لا دراسة ولا شغل، قبلت اول شغلانه كويسه جاتلى وكانت فى قسم الائتمان فى احد البنوك الاجنبية

نجحت فى مجال البنوك وكنت باترقى بسرعة لحد ما وصلت لدرجة مدير وعندى 27 سنة و كنت باعمل دراسات فى مجال التمويل وباعمل ماجستير فى نفس الوقت لكن عمري ما لقيت نفسي فى الشغل. كنت دايما باحس انى بالبس قناع مش بتاعى وانا داخلة البنك وبرغم كدة البنوك علمتنى كتير اوي مش بس عن السوق والاقتصاد لكن عن الحياة بصفه عامة . وهناك قابلت اول مدير أثر فى حياتى وكان مدير قطاع الشركات. الشخص ده علمنى يعنى ايه قائد وازاي القائد بيدعم موظفينه ويقف فى ظهرهم ويقدرهم ويديهم حقهم بناء على معيار واحد بس – الكفاءة

بعد ما خلصت الماجستير حاولت اعمل دكتوراة، لكن للاسف الجامعات المصرية كانت عايزة تفرغ لان المحاضرات الصبح علشان كدة لما قرات اعلان عن جامعة جديدة بتمنح شهادات دكتوراة تحمست اوي وروحت أسال ، ساعتها قالولي ان الدكتوراه فى الاول هتكون للمعيدين فقط ودى كانت نقطة التحول فى حياتى

حسيت ساعتها ان دي هدية من ربنا باعتهالى علشان اعمل حاجة ليها تاثير على الناس زى ما كنت باحلم وعلشان اكمل من تطوير نفسي خاصة انى كنت حاسة انى تقريبا اتعلمت كل حاجه فى مجال البنوك وكمان علشان يبقى عندى وقت اكتر لاولادي اللى كانوا ساعتها 3 سنين و4 شهور.  استخرت ربنا وقررت انى اقدم استقالتى من البنك بعد ما اتقبلت كمعيدة فى الجامعة. طبعا القرار كان صدمة لكل اللى حوالية اللى كانوا مش مصدقين انى مستعده ابتدى من الاول بعد النجاح اللى حققته. حتى القائمين على الجامعه كانوا بيسالونى باندهاش انتى عارفه دخلك هينزل اد يه؟ لكن الحمد لله كلهم ساندونى حتى ولو ببعض التحفظ

بدات مع الجامعة من اول ما فتحت وكنت اول اكاديمية تتعين فيها بعد رئيس الجامعه. اشتغلت فيها كل حاجه فى مكتب القبول وادارة التمويل و الدراسات العليا والمشروعات الجديدة وكان كل نجاح ليها باعتبره نجاح شخصى ليه. الحاجه الوحيد اللى ضايقتنى انى اكتشفت ان برنامج الدكتوراة مش هيبدا على طول. لكن فى الوقت ده ربنا بعتلى اتنين من اكتر الناس اللى انا ممتنه ليهم فى حياتى، رئيس الجامعة اللى وجهنى لطريق الدكتوراة فى ألمانيا ، والمشرف الالمانى على رسالتى اللى وقف جنبى وعلمنى ومازال بيعلمنى حاجات كتير اوي مش بس على المستوى الاكاديمى لا والانسانى كمان

ومع اني كنت بشتغل في الجامعة وبعمل الدكتوراه الا اني بدأت أحس بنقص في حاجة.  في البنوك كنت بحس بنبض السوق والإقتصاد ماشي ازاي، لكن في الجامعة بتكوني في عزلة عن العالم الخارجي وده كان مدايقني خاصة اني مكنتش عايزة أكون دكتورة نظرية بعيده عن الواقع.  كنت متأثرة أوي في الموضوع ده بالدكاتره اللي درست على ايدهم زي د. ابراهيم حجازي  ودر. طارق حاتم ود. مهجة بدران. الناس دي كانت دايماً تدينا أمثلة من الواقع فكنت ببقى قاعدة مشدودة للمحاضرة.  أبتديت أفكر اني أدخل في مشاريع كإستشاري.  وطبعاً عشان أعمل ده وأنا عندي بيت وتدريس ودكتوراة كانت قاتلة بس كان صعبان عليا تجيلي فرص زي دي ومستغلهاش علشان اطور نفسي

خلصت الدكتوراة في 2007 وكان موضوعها عن الابتكار في الخدمات المالية.  كنت عارفة ان فيه خطة انهم يفتحوا قسم في الجامعة للابتكار وريادة الأعمال فطلبت أني أفتح القسم ده، قعدت سنة بدرس حاجات مختلفة وبحضر لفتح القسم ده وفعلا فتحته في 2009. وعلشان افضل قريبه من السوق فضلت اعمل استشارات فى مجال ريادة الاعمال والابتكار ووقتها اترشحت انى اشتغل مستشار فى وزارة الاستثمار

الاول طلبوا منى مؤقتا انى امسك المكتب الفنى لمجلس أمناء الإستثمار اللى كان دوره  يعالج مشاكل الإستثمار في مصر.  كانت تجربة ثرية جداً وفادتني في جوانب كتيره.  المجلس ده كان مكون من كل الكبار في مجال الإقتصاد في الحكومة والقطاع الخاص.  وطبعاً لما كنت بقعد في مناقشاتهم  كنت باحس إني كنت جوة الحدث فعلاً.  بعد كدة بدات شغلى الاساسي اللى كان المساعدة فى تاثيث “بداية” وده مركز لريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة.  كان مشروع واعد جداً واشتغلنا فيه كتيراوي لكن كانت مشكلته التوقيت لأن المشروع ده بدء في 2010 والتغيرات كانت كتير أوي، ومع طبيعة الحكومة والنظام الاداري البطيئ والمراحل الانتقاليه اللا نهائيه فى الفترة دي،  فكان الموضوع صعب اوي. فى الاخر، قررت انى مش عايزه اكمل احفر فى مياه وعرفت ان اكبر تاثير ممكن اعمله مش هيكون من خلال الحكومه – هيكون من خلال الجامعة اللى كان شغلي فيها هو اللي بيرجع لي الأمل لما كان بيجيلي حالات احباط. لكن طبعا استمريت فى الاعمال الاستشارية علشان افضل حاسة بالسوق اللى بالنسبه لى هو معمل الاكاديميين اللى بيدرسوا ادارة أعمال

كنت بالاقى طلبة كتير من كليات مختلفه بيجولى يسألوني على نصايح لو عايزين يفتحوا مشاريع ففكرت اننا نعمل حاجة للجامعة كلها مش بس لقسم الإدارة وفعلا أنشأنا برنامج لإعداد رواد الاعمال ومساعدتهم فى تطوير مشاريعهم من خلال التدريب والاستشارات والتشبيك مع المستثمرين والهيئات الداعمة.  كان الاقبال كبير جدا من جوة الجامعة ومن برة كمان و الحمد لله البرنامج اثمر عن شركات ناشئة ناجحة كتير باعتبر انهم من اهم انجازاتى العملية. لكن للاسف قدرتى على مساعدتهم كانت مقيدة باولويات الجامعة

وكالعادة، فى الوقت المناسب ربنا بعتلى الخطوة اللى انا محتاجاها، الجامعة الريادية اللى توجهها الاستراتيجى هو الابتكار وريادة الاعمال و اللى كانت بتبحث عن عميد محلى لكلية الادارة وريادة الاعمال التابعة لجامعة كندية متفوقة فى هذا المجال. لما جالى العرض استخرت ربنا وقررت انى اقبل والحمد لله سعيدة بهذا القرار جدا.  عندى خطط كتير قيد التنفيذ وبدات بالفعل بتضمين ريادة الاعمال فى كل مناهج الكلية وانشاء مركز لريادة الاعمال

أما عن حياتي الأسريه فأنا وأولادي أصحاب أوي.  بنتي مي في الجامعة وعبد الله في أي جي.  أهم حاجة عندي ان دايماً يكون في بيننا حوار مفتوح.  مش من ضمن اولوياتى انى اكون ست البيت الشاطرة اللي بتطبخ كويس، بس المهم ان  يكون بينا علاقة قوية

نصيحتي لأي واحدة بتختار شريك حياه انك تختاري حد يكون شبهك في القيم وطريقة التفكير وتكون اسرته شبه اسرتك.    جوزي مثلا متعود ان مامته بتشتغل وانها بتتأخر في الشغل وعشان كدة هو متفهم جداً يعني ايه ست بتشتغل وواخده شغلها جد. وحماتى نفسها كانت من اكتر الناس اللى ساعدتنى على انى اوازن بين شغلى وبيتى.   أنا دايما بحس ان شغلي حاجة مهمة بالنسبة لجوزى ولاولادى زي ما هي مهمة بالنسبة ليا ولولا دعمهم ليا واحساسي طول الوقت انهم بيشاركونى حتى فى مشاكل الشغل، بيتهيالى كان صعب اوي انى اقدر اتقدم خطوة واحدة

نصيحتي لأي واحدة عايزة تبتدي حياتها العملية ومش عارفه تبتدي منين انك تطرقي كل الابواب وتحاولي في كل حاجة ولو وصلتي لحيطة سد ولازم تختاري بين طريقين أعملي استخارة وسيبيها على ربنا.  ده اللي كنت بعمله دايماً

لو اتفتح باب بامشي فيها بنية الآخر وبعدين أول ما يكون في منعطف أقف وأقول يا رب أعمل ايه؟ في أوقات كتير مش بنبقى عارفين لو هو ده فعلاً اللي أحنا عايزينه ولا لأ إلا لما بنحاول فيه.  وحاجات يمكن تمشي شوية وبعدين احنا نفسنا نقرر ان احنا مش عايزين نكملها او تقف لوحدها. باشوف دايما ان من حقنا و من المفروض اننا نجرب بس اكبر غلط ممكن نقع فيه هو اننا نكمل فى تجربه مش حاسينها

اللي اتعلمته ان كله بيعدي بس الحلو بيسيب ذكرى حلوة والوحش مع الوقت بيتنسي وبتفتكري الدرس أو الحكمة من وراه. من أكتر الحاجات اللي بتسعدني لما ألاقي حد متخرج من 5 أو 6 سنين ولسه فاكرني وفاكر اني كان ليا تأثير على حياته زي ما أنا لسه فاكرة الناس اللي علمتني وأثرت فيا وهافضل طول عمري ممتنة ليهم

Leave a comment