قصة قائدة ملهمة تطبق مثال “القيادة ليست كلمات إنما سلوك وأفعال” فهي تَعلم الطريق وتمضي في الطريق وتبين للآخرين ماذا يوجد قي هذا الطريق

28_dalia-ibrahim

كنت بسمع كثير عن داليا ابراهيم وشغلها في نهضة مصر ولما بدأت في مشروع “قصص تستحق النشر” كان نفسي أوى أقابلها واكتب قصتها وكنت ببحث عن طريقة للوصول اليها.  الى أن اتصل بي شاب من مؤسسين مشروع “ناشرون”.  هم كانوا حضروا معاى دورة ادارة مشاريع لرواد الأعمال.  قاللي انه بيشوف القصص اللي بنشرها وهو حابب يعرفني على شخصية عظيمة كانت سبب أساسي في نجاح مشروعهم وهو له الفخر دلوقتي انه بيشتغل معاها في مؤسستها.  لما سألته عن اسمها فوجأت انها هي نفسها داليا ابراهيم.  داليا بالنسبة لي مثال لسيدة مؤمنة قوية شاطرة وجدعة جدا.  صاحبة رسالة واضحة والوضوح بيولد التركيز والنجاح.  اليكم قصتها الملهمة

طفولتي كانت طفولة جميلة جداً وعندي فيها ذكريات حلوة كثيرة.  اتربيت في وسط 3 اخوات.  عندي أخ أكبر منى علطول وبعدين أخت أصغر بـ12 سنة وأخ أصغر بـ14 سنة، وكأننا جيلين مختلفين.  ده إداني إحساس بالمسئولية جميل كنت مستمتعة بيه من وانا صغيرة.  كنت دايماً بتعامل مع اخواتي الصغيرين كإنهم ولادي ولأن بابا وماما كانوا بيسافروا كتيرفأنا كنت ببقى مسئولة عن البيت في الوقت ده وأذاكرلهم وأروح معاهم المدرسة واشتري طلباتهم

عيشنا في بيت عائلة كبير مع جدي وكل أعمامي وعماتي في عمارة واحدة وكانت تحت العمارة المكتبة والمطبعة بتاعة “نهضة مصر” اللي أسسها جدي.  كانت كل عائلة عندها استقلالها التام وفي نفس الوقت كلنا استمتعنا بالدفئ العائلي.  ونفس القصة من ناحية عيلة مامتي.  كانوا جدي وخالاتي ساكنين في فيلا في الزمالك فيها جنينة كبيرة جداً، فكنا على طول منطلقين.  أنا بعتبر إن طفولتي كانت صحية جداً وماتحرمتش من أي حاجة بالذات الإحساس بالحب والدفئ.  ولأن والدي وجدي كانوا شغلهم في نفس العمارة فكان كل الزملاء في نهضة مصر يعتبروا بالنسبة لنا أهل، من بقية العيلة يعني

ماما رمز للحنان والعطاء والصبر اللي مالهوش حدود.  كانت دايماً مركزة في تربيتنا على الأخلاق، وإن إحنا نعامل الناس بطريقة كويسة واتعلمت منها اني اصبر على الأمور ورد فعلي ميكونش سريع ولا متسرع أبدا.  بابا كان مهتم أكتر ببناء الشخصية ومواجهة العالم الخارجي.  كنت بحب أهلي جداً وبحترمهم وبسمع كلامهم بشكل كبير وبالذات كلام والدي.  والدي قدوة بالنسبة لي وبالنسبة لكل اللي يعرفوه وهو من الأسباب بعد ربنا سبحانه وتعالى إن أنا إتوفقت في حياتي بشكل كبير

على قد ما كنت انسانة منطلقة في طفولتي على قد ما كنت خجولة وهادية في فترة المراهقة.  درست في الجامعة الأمريكية بناء على رغبة والدي وإجتهدت جداً فاتخرجت بتفوق.  أيام الجامعة كانت من أجمل سنين حياتي، إتعلمت حاجات كتير وكانت مرحلة التطور الفكري بتاعي.  بعدها عملت ماجستير إدارة الأعمال عشان والدي كان عايز إني أعمل كده.  بابا كان بيكلمنا علطول عن الشغل فكنت مستمتعة جداً بدراسة إدارة الأعمال وجنب ده قرأت كتير أوي في الجامعة

من اللي قرأت فيه كثير في الفترة دي هو الدين وده خلاني أسأل نفسي من بدري “إحنا موجودين ليه؟”. ولما الواحد بيعرف هدف حياته بدري بيقصر عليه المشوار وبيخلي أهدافه واضحة وبيعرف يزعل على إيه ومايزعلش على إيه، ويعمل مجهود في إيه ومايعملش مجهود في إيه. فكرة إن البواصلة اللي بتحدد الاهداف والاهتمامات تكون مضبوطة، أعتقد دي أهم حاجة في ظبط ميزان حياة الإنسان.  إتحجبت في الجامعة عن اقتناع تام وواجهت أول تحدي حقيقي بالنسبة ليا.  كنت المحجبة الوحيدة في عائلتي وقتها وكان عدد المحجبات في الجامعة الأمريكية قليل جداً.  كانت نظرة بعض الناس ليا إني اتغيرت.  كانوا كثير بيقولولي مش هتتجوزي ومش حتعرفي تتطوري وشكلك غريب.  وأخذتها تحدي على نفسي اني أثبت إن الحجاب مش تخلف واكون قدوة كويسة

بابا ربانا إننا دائما منفكرش “نهضة مصر” دي إحنا هناخد منها أي، لأ نفكر هنديها إيه؟  وأنا مقتنعة جداً بكده.  بدأت الحياة العملية، ومن أول يوم ماكنش هدفي إني أوصل لمناصب أوعشان الفلوس.  كان عندي هدف واضح أوي: أنا عايزة أعمل حاجة أفيد بيها الناس.  كنت سعيدة جداً إني بدأت في نهضة مصر مش بس علشان أكمل في مؤسسة العائلة بس الأهم اني كنت شايفة اني بشتغل في مؤسسة فكرية، فكل فكرة بنقدميها يإما بتضيف علم أو بتبوظ دماغ حد. فأنتي مسئولة عن كل كلمة بتتنشر عندك

في أول فترة لي هنا اتعلمت درس كبير.  كان واحد من مديرين النشر ترجم كتب كتيرة وكانت جاهزة عشان تدخل المطبعة فبابا بيسأله “هل أخدت حقوق النشر؟” فرد “لأ.  القانون المصري بيسمح النشر في الأيام دي طالما عدى 3 سنين على نشر الكتاب”.  بابا رفض تماماً رغم إنه كان خلاص ترجم 15 أو 20 كتاب.  وفي موقف ثاني كان في كتاب عندنا خلاص اتكتب وهيتنشر.  أنا قرأته فلقيت إن الكتاب بيبين إن الدين أساسه كله مبني على سفك الدماء.  كتبت تقرير لبابا بيفيد “إحنا بنوصل إيه للأجيال الجديدة؟ ولو حنوصللهم نظرة عن الدين يجب اننا نوصل لهم الصورة كاملة .أنا شايفة اننا لا يصح اننا ننقل حقبة زمنية فقط على انها فترة نشر الدين كلها”. أول ما عرضت التقرير عليه رفض نشر الكتاب

اتعلمت منه درس مهم انه لا يصح الا الصحيح حتى لو كان الصحيح مكلف وكمان اتعلمت ان لما بتكوني عايشة وإنتي عارفة إنتي عايزة تعملي إيه بيخلي قرارات كتيرة سهلة عليكي.  نفس المنطق حسيته ينطبق في الجواز.  كل بنت محتاجة تفكر “أنا عايزة أتجوز مين وليه؟”. مهم جدا ان أهدافه في الحياة تكون قريبة منك ودماغكوا ماشية مع بعض

دراستي في الجامعة علمتني ان من أهم أسس التميز انك تكوني مختلفة.  وبالتالي ركزت انه من أساسيات شغلي اني أشوف الفجوة فين والزحمة فين واروح في الحتة الفاضية.  بدأت أشتغل في نشر كتب الأطفال بالعربي والحمد لله مع الوقت بقينا أكبر دار نشر للطفال على مستوى العالم العربي وبعدها اشتغلت في النشر الثقافي وبعدها النشر التعليمي

من لبتحديات اللي اذكرها وعمري ما هنساها اننا مرة كنا مقدمين على مشروع للحكومة وكانت فكرة جديدة تماما ومفيش منافس لينا في مصر.  وبعد سنتين أو أكتر من التفاوض مع الجهة الحكومية وحقنا 100% نأخذها اتطلب مننا ندفع رشوة ً. صليت إستخارة كتير وكنت متدايقة جدا.  أنا اشتغلت على المشروع كثير وهيدخل فلوس كتير للشركة وحقنا نأخذه.  واليوم اللي كنا هنمضي فيه، المدير الكبير في الحكومة إتشال وباظ الموضوع تماما.  ارتحت وازدت يقين إن الرزق من عند ربنا، وإن رزقي هايجيلي هايجيلي، هأسعى صح عشان لازم أسعى بس مش عليا إدراك النجاح.  بعد سنة بالظبظ، جتلنا شغلانة أكبر بكتير و3 أضعاف المكسب وجاتلي وأنا في مكتبي.  كانت منافسة دولية واتطلب مننا نقدم فيها وكنت حاسة إن إحنا صعب جدا نكسبها بس رسيت علينا.  وغيره كثير جي وراح بس مبقاش عندي الجزع الفظيع من فكرة ده جه وده راح.  أهم حاجة ممكن أحاسب نفسي عليه إني ماعملتهاش، لكن الوصول لنتايج مش بتاعنا خالص

أسست كذا شركة مع والدي جمب دار النشر.  بدأنا شركة سوفت وير وكنا أول ناشر في العالم العربي نفكر في القصة دي.  وعملنا شركة صحافة انتجنا فيها مجلات ميكي وناشيونال جيوجرافيك العربي.  ميكي دي كانت قصة لوحدها قعدنا 5 سنين علشان نأخذها.  وعشان آخد حقوق النشر لناشيونال جيوجرافيك قعدت سنتين وبدأنا بالمجلة وبعدين أخذنا حق نشر الكتب

بابا لما شاف إني ناحجة ومتحمسة حب يعملني نايب ليه وكان شايف إن ده في مصلحة نهضة مصر مع انه بصراحة مكانش طموحي.  وكمان أنا عندي أخ أكبر وعندي عم وولاد عمام، فده كان تحدي كبير علي في الأول.  وفعلاً سبت ادارة الشركات الجديدة وبقيت النايب وبعد الثورة بقيت المدير التنفيذي لدار نشر نهضة مصر وكان تحتي 1,050 عامل.  علشان ده يحصل ويكون الأصلح جبنا شركة إستشارات متخصصة عملت تقييم لكل الأدارة العليا وعملنا إجتماع للعيلة كلها والحقيقة كلهم وافقوا بالإجماع انهم يساندوني

أول حاجة عملتها لما مسكت اني غيرت في هيكلة الإدارة.  مامشتش حد بس جبت قيادات جديدة بفكر جديد معاهم وطبعا ده أدى إن كتير من الموظفين كانوا بيشتكوا لوالدي وفي بعض الأحيان بيحاربوني بس هو كان دايماً واقف في ظهري وكان بيؤيد وجهة نظري ولو في حاجة شايفها غلط ييجي ينصحني بيني وبينه.  بصراحة كانت أول فترة فيها تحدي نفسي كبير لي اتعلمت فيها إن نهضة مصر بالنسبة لي وسيلة مش غاية، وكأن ربنا حطني في المحنة دي علشان يحصل إنفصال نفسي جوايا بيني وبين نهضة مصر

وفي الوقت ده حسيت إني عايزة أدرس تاني، لأني بحب دايماً أطور نفسي.  فقررت إني أعمل دكتوراه في الأول وبعدين سمعت عن ماجيستير إدارة أعمال للمديرين.  أنا أصلاً معايا ماجيستير وكنت ميالة لعمل دكتوراه بس لأني هدفي كان واضح سألت نفسي “انا بدرس ليه؟  أنا بدرس عشان دراستي تساعدني في ادارة نهضة مصر”.  فحسيت إن الماجيستير حيكون أفيد لدوري في نهضة مصر.  وخلصتها وإتخرجت بتفوق وفعلا كانت الدراسة مفيدة جداً وعرفتني بمجموعة جميلة جداً

وطبعا تحدي الفترة الحالية في الشغل وهو تحدي كبير هو التعامل السليم مع الحالة الإقتصادية

من التحديات المستمرة في حياتي هي التوازن بين البيت والشغل.  لما أحس إن البيت محتاجني بركز مع البيت أكثر والعكس. وبوضح للولاد إني مشغولة لفترة.  بس علشان أنجح كنت عارفة ان مفيش حاجة إسمها إن البيت دايماً الأول أو العكس. على حسب الظرف والموقف.  معادلة مش سهلة لكن مش مستحيلة

أولادي أتصور إني بربيهم بطريقة سوية.  من أول يوم بتعامل مع الطفل على إنه بني آدم ودايماً أقولهم أنا بثق فيكوا وباحترمكوا حتى وهما أطفال.  كل حاجة بتناقش فيها معاهم ومدياهم مساحة للأستقلالية.  دايماً أقول لأبني إسماعيل إن إنت مسئول.  كونك ولد ده مش تشريف ده تكليف.  عمري ما إدعيت معاهم إني بعرف كل حاجة.  بعترف إني بغلط وبتقبل إنهم يغلطوا، فكرة الإنسانية، بس المهم نتعلم.  مش مهم عندي الأولاد تطلع الأوائل المهم يطلعوا شخصيات متزنة ومنتجة وسعيدة.  ومعنديش حاجة إسمها عيب، في حاجة إسمها ده يرضي ربنا ولا لأ.  في رأيي القصة في التربية مش العيب والعرف والمجتمع لأن كل الحاجات دي متغيرة يفرق معايا أنت لما تقعد لوحدك مع ربنا حاسس بإيه، هو الرقيب عليك

انا فخورة بأولادي الحمد لله جدا.  بنتي الكبيرة هدى شخصية قيادية بطبعها من صغرها.  ذكية وطموحة جدا وبتسعى انها يكون لها بصمة وأثر في مجتمعها.  الوسطانية ايمان هي الصدر الحنون في البيت.  طالعة أم بالفطرة بتحتوي كل اللي حواليها وجدعة فوق الوصف.  اصغر أولادي هو اسماعيل وهو راجل من صغره.  محترم ومهذب وعنده استيعاب كبير للأمور وذكاء يفوق سنه مع هدوء وحكمة في التصرف ورد الفعل

في أصعب فترات وأكبر تحديات سواء شخصية أو مهنية مرت على في حياتي كانت دائما واقفة معاي وبترشدني واحدة أكبر مني سنا اسمها منى.  منى بالنسبة لي حاجات كتير فهي صديقة وملهمة ومينتور لي في نفس الوقت.  انا حسيت اني أخدت كتير أوي ودلوقتي وقت العطاء وحبيت اني استمر في العطاء خارج نهضة مصر واني أكون للشباب زي ما منى بالنسبة لي.  أنا حاليا بعمل محاضرات وتدريب وارشاد لمشاريع رواد الأعمال الشباب مع مؤسسات غير هادفة للربح.  الشباب عندهم أفكار جميلة وطاقة كبيرة بس محتاجين توجيه سليم علشان يقَوٍموا مشاريعهم ويخلوها مستديمة ويديروها صح

حياتي كلها قائمة على آيه معينة “قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي….” وانا بعمل على انى ادعوا باني اكون مثل وقدوة للي حواليا

خلاصة ما تعلمته في حياتي ان النجاح له أربع أسس

ء ” وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ” خلي تركيزك على سعيك وعملك وبس. النتائج مش بتاعتك والرزق من عند ربنا وملكش قرار فيه

عيش بنية صادقة وهدف واضح من الأول

خليك صادق مع نفسك على قد ما تقدر

الناس اللي حواليك مهمين بس مش أهم حاجة. حط كل واحد في حجمه الطبيعي واديله حقه الحقيقي

2 Comments Add yours

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s