أول مرة سمعت عن مدام عزة كان من خلال ياسمين الحاجري اللي انضمتلنا في برنامج بلاي بيج ياسمين كانت دائماً بتتكلم عنها وعن جمعية وطنية بكل شغف وفخر وحب وولاء وأيقنت وقتها إن الست دي عظيمة. بعدها كان عندي إجتماع في مقر الجمعية وجاءت مدام عزة تسلم على قبل الإجتماع. أد إيه إحترمت تواضعها وبساطتها وأدب أخلاقها. ولأن الدنيا صغيرة جداً طلعت عزة جدة أصحاب أولاد زميلتي إنجي. عرفت عن قصتها الملهمة وقصة الجمعية وطلبت أنشرها ووافقت مدام عزة بعد اصرار مني. الست دي حقيقي فخر لمصر وفخر لكل العالم العربي. مش بس كده هي بالنسبة لي مثال أعلى لكل سيدة طبعها خجول وفاكرة نفسها مش حتعرف تقود أو كبرت في السن وعدى وقت انها تبدأ حاجة مهمة في حياتها أو معندهاش مقومات نجاح واضحة أو خبرة سابقة علشان تحقق حلمها. وكل واحدة زيي حساسة جداً أو عندها بنت حساسة جداً محتاجة تعرف انها مش محتاجة تقلق عليها خالص ومش مطلوب غير انها تشجعها تحقق كل اللي عايزاه من غير ما تغيرها. إليكم قصة هذه السيدة العظيمة الحاصلة على جائزة تكريم ٢٠١٦-٢٠١٧ كأفضل شخصية عربية لها أثر فى مجال القضايا الأنسانية
انا عشت طفولة عادية مدللة وبعد التخرج من آداب إنجليزي حاولت أشتغل كذا مرة في شركات بس لم استمر في وظيفة أكثر من شهر أو شهرين لإني مش بحب الروتين. مريت بتجارب كتير في حياتي مش سهلة ومكنتش وقتها أعرف إن ربنا مررني بالتجارب دي عشان يؤهلني أفهم وأشعر بالآم الآخرين وإحتاجتهم النفسية
نقطة التحول الأولى في حياتي كانت في بداية سن الأربعين. الموضوع بدء بكلمة استفزتني “انتي قاعدة فاضية. اعملي حاجة مفيدة” ولما قلت “مش عارفة أعمل إيه” إتقال لي “أي حاجة. روحي اقرائي للمكفوفين”. واكتشفت إن اد إيه ممكن كلمة صغيرة حركت طاقة رهيبة جوايا اني فعلا اعمل حاجة مفيدة
ابتديت أروح النور والأمل اقرأ لبنت فقدت بصرها وهي عندها 10 سنين. وفي نفس الوقت واحدة صاحبتي قالت لي على مكان تأهيل أطفال الصم وضعاف السمع وقالتلي إنهم بيجيبوا أجهزة من كرواتيا بتوصل الصوت عن طريق الذبذبات. ابتديت أفكر إني أجمع فلوس عشان أجيب الجهاز ده، وفعلاً جمعت الفلوس وروحت أشوف الولاد ومن هنا ابتدى حبي لمساعدة الغير. بدأت اقرأ عن الجهاز أكتر وعرفت إن الولاد لو حصلهم تأهيل مبكر واتعلموا بطريقة الذبذبات مش لازم يروحوا مدارس الإشارة وممكن يروحوا مدارس عادية. حسيت إني لو اديت الجهاز للدار مش هيكون في إهتمام أو استخدام صحيح وابتديت ادخل بشغف في الموضوع أكتر لغاية لما أسست بفضل الله جمعية “نداء” لتأهيل الأطفال ضعاف السمع
انا حاسة ان سر توفيقي اني دايماً مؤمنة من الأول بـ”إحنا” مش “أنا” وإن لازم نستعين بأهل التخصص في كل مجال. أهم حاجة في الموضوع العلم ثم العلم ودايماً الإستثمار في البني آدميين أهم بالنسبة لي من المكان
بدأنا بخمس أطفال في حضانة صغيرة، باستخدام الجهاز الخاص بالتأهيل بالذبذبات. أول ما فتحنا جبنا خبراء من أمريكا، وبعدين من كرواتيا، عشان يعلمونا. الأطفال دول اثبتوا نجاح وفي منهم اتخرج من الجامعة دلوقتي. ومع الوقت كبرت نداء الحمد لله وفي مرة اتواجهنا بطفلة جميلة جت تقدم بس كانت ضعيفة السمع والبصر. واكتشفنا إن مفيش في مصر مكان لتأهيل الإعاقة السمع بصري والحالات دي كانت بتتحول لقسم الإعاقة الذهنية
وأصبح هناك تحدي تاني مرة اننا نفتح حاجة مفيش حد تطرق لها. وفعلاً فتحنا للبنت دي بس، أول مركز لتأهيل الإعاقة السمع بصرية في مصر. وجبنا خبراء من النرويج المرة دي لأن إحنا كنا دايماً عايزين نجيب أحسن خبراء في المجال. ودربنا إخصائيين وكملوا المشوار بشهادات متخصصة من النرويج وجامعة جون هوبكنز في أمريكا
حاجة أنا كنت مهتمة بيها أوي ان نداء يبقى فيها صف تاني لأن دايماً في الجمعيات الغير هادفة للربح بعد رحيل مؤسس الجمعية، الحماس والعمل بيندثر. الحمد لله مع الوقت نداء بقى فيها صف تاني وبقى ليها فرع في الأسكندرية ودلوقتي أنا عضو في مجلس الإدارة فقط
بعد 10 سنين من بداية المشوار ده حصلتلي ثاني نقطة تحول في حياتي، جالي إكتئاب شديد وربنا جاب في طريقي لايف كوتش ساعدني كتير. وهو كان أهم عامل خرجني من الحالة اللي كنت فيها. واتعلمت أهمية الكلمة لأن كلامه معايا كان أنجح من الأدوية، وكمان اتعلمت إن السر كله في تغيير طريقة تفكيري أو نظرتي للأمور. بس أهم حاجة إن الشخص يكون مستعد للإستماع
انا كنت زي معظم المصريين عندي عادة من زمان زيارة الدور الأيتام وأجيب لهم أكل وشرب وأطبطب عليهم. كنت بروح لولد في دار من وهو عنده سنتين وبعدين انقطعت عن زيارته لمدة 8 سنين بسبب ظروفي الشخصية بس كنت دايماً ببعت فلوس. ويوم كنت قاعدة لوحدي في البيت وفجأة لقيت الولد ده جه عندي الساعة 3 بليل لأنه هرب من الدار وكان عايز يعيش عندي في البيت، بس أنا رفضت وطلبت منه إنه يرجع الدار تاني. والموقف ده تعبني أوي لأني كنت متخيلة إني بعمل خير وفي نفس الوقت جرحت مشاعره
بدأت أخرج شوية بشوية أزور دار أيتام جنب البيت. وكنت بروح أزور 3 أطفال من وهم عندهم سنتين ومرة روحت لقيت واحد من التلاتة بدء يتهته. ولما سألت عرفت إن عندهم إكتئاب نفسي. طبعاً أنا كنت حاسة بيهم جداً لأني أنا لسه خارجة من نفس التجربة. الموقف ده وقفني، إزاي 3 سنين ويكون عندهم إكتئاب أكيد فيه خلل في معاملة الأطفال وتربيتهم وحتى يوم اليتيم الولاد بيجلهم أمراض جلدية من كتر ما الناس بتروح تبوسهم وكم الحلويات اللي بياكلوها في اليوم ده وبقية السنة تقريبا بيحرموا تماما من الحنان. الموقف ده كان هو السبب الرئيسي في بداية فكرة وطنية
وفي يوم حد من مجلس إدارة نداء إقترح إن إحنا نعمل دار أيتام فقلت له لأ إحنا نعمل أول جمعية أهلية لتنمية وتطوير دور الأيتام. مش هيكون عندنا أيتام هنكون بنخدم كل أيتام مصر عن طريق وضع معايير جودة الرعاية لتربية وتنشئة دور الأيتام ومحدش يتوقع مني نتيجة قبل 10 سنين لأن المهمة صعبة، إحنا بنغير مفاهيم وفكر عاملين، فكر أيتام وحتى فكر المتطوع. فكر مجتمع كامل
وقعدنا نبحث الفكرة دي لمدة سنتين لغاية لما كان عندنا روؤيا واضحة، والروؤيا الواضحة هي اللي بتوصل. في الفترة دي كنت بزور إبني في إنجلترا وطلبت إني أقابل الجهة المسئولة عن كل الدور هناك ورجعت مصربوثيقة ومعايير جودة متفق عليها عالمياً وطبعاً كان لازم نترجمه ونمصره بما يتناسب مع المجتمع المصري والعربي
أسسنا وطنية حاولنا في جهات كثير لأخذ الدعم والمساندة لغاية لما ربنا يشاء وتيجي الوزيرة غادة والي اللي أقرت المعايير لتكون إلزامية على دور الأيتام وده كان بالتعاون مع بعض الجمعيات الأهلية والدولية في مصر. وعملنا أول شهادة معتمدة أديكسل لتخريج أول دفعة مربين. كنا بنلاقي صعوبة إن أي دار في الوقت ده توافق تعمل تدريبات أو تقييم أو توافق تقولنا على الإحتياجات المطلوبة، لأن وقتها من 8 سنين دور الأيتام كانت منغلقة على نفسها. وابتدينا مع دار أو إتنين واخذنا وقتنا لنشر الفكرة ومازالت وطنية بتتطور، ودلوقتي أنا حاسة وطنية فيها صف تاني وكمان الحمد لله وطنية بتمثل في محافل دولية
أنا كنت عارفة إن هايجي يوم ووطنية هتدخل في الأسر البديلة وعشان الروؤية كانت واضحة بفضل الله كانت كل لما حاجة تيجي ليها علاقة بالأسر البديلة بحطها على جنب. دلوقتي الوزارة إتجاهها الأسر البديلة وانا بأمثل وطنية في اللجنة العليا للأسر البديلة. وكل القراأت اللي كنت بشيلها على جنب طلعتها عشان المتخصصين. وبدأنا نشتغل على معايير الجودة للناس اللي هتتكفل الأطفال وحاجة من الحاجات المهمة اللي بنحاول نتغلب عليها هي نظرة أو حكم أو تصنيف المجتمع على الأيتام، يعني اليتيم اللي في أسرة بيعامل معاملة غير اللي في دور الأيتام
الشعار اللي أنا مؤمنة بيه طول عمري ودلوقتي مؤمنة بيه أكتر بعد 20 سنة في المجال التطوعي “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”. الآية دي بتحرك جبال ومع الإحباطات اللي بنواجهها في الحياة بنحتاج نفكر نفسنا بيها عشان نفهم إن مش مهم الناس شايفين ولا لأ، مش مهم الناس حاسين ولا لأ، مش مهم الناس عايزين ولا لأ المهم أعمل
وشعاري التاني “إن مع العسر يسر” مش بعد العسر، لأ معاه. ومش معنى إني مش شايفة اليسر إنه مش موجود بعد شوية هادركه ولازم أفكر في الخير اللي بعد كل محنة
خلاصة ما تعلمته في الحياة
الألم في حياتنا الشخصية والمحن هي اللي بتخلينا نحس بمعاناة الآخر. لا تحزن، الألم بينقيك وبيحسنك ويطورك عشان تكون إنسان أفضل عشان توصل للهدف الأسمى وهو “قل اعملوا ….”سس
لو الواحد عنده مبادئ إنسانية في حياته هيرتاح ويريح اللي حواليه
الصبر والمثابرة هم أسرار النجاح في الكون. مافيش حاجة بتيجي سهلة ومطلوب الصبر ثم الصبر ثم الصبر ثم المثابرة والجهد
أهمية العمل الجماعي وإن نجاح الفريق هو نجاح ليا أنا شخصياً
مهما الإنسان كبر في السن، فالعطاء لا حدود له