تعرفت على داليا عندما كانت مُنسقة في برنامج اللآيف كوتشينج الذي كنت أدرس به. كنت أراها سيدة هادئة ونشيطة ومثابرة. ذُهلت عندما علمت أنها مهندسة في فودافون وأنها تساعد في هذا البرنامج أثناء إجازة الوضع وكانت قد رُزقت بطفلتها الأولى. تكلمنا سوياً وحكت لي عن شغفها ودراستها وكنت فخورة جداً بها عندما أخَذت الخطوة الجريئة للعمل على شغفها. تابعت قصتها ونجاحها ودائماً أشعر بالفخر والسعادة مع كل نجاح تحققه. وأفتخر الآن أن اقدم اليكم قصتها
اتخرجت من كلية الهندسة وكنت متفوقة في دراستي. بعد التخرج اشتغلت في شركة فودافون. كنت ناجحة جداً في شغلي وسعيدة به في الأول، وبعدين بعد تسع سنين لقيت نفسي مش مبسوطه ومش حاسه إني بحقق ذاتي فيه خالص. قادتني الظروف وقتها لأحمد الأعور اللايف كوتش المشهور وحكيت له قصتي وأني مش لاقيه نفسي في الشغل زي أول ما اتخرجت. كانت نصيحته لي ان الشغل باب رزق و وسيلة لكسب المال وليست لتحقيق الذات
بدأت أطرق أبواب مختلفة لتحقيق ذاتي فساهمت في أعمال خيرية وتطوعية. وطرقت باب السياسة في وقت الثورة. وأخذت كورسات لتطوير شخصيتي ومن ضمنها كورس باشيون تو بروفيت. عرفت عن نفسي ان أهم حاجة في حياتي العلاقات الانسانية والاسرية بس مكنتش عارفة خالص أشتغل بيها ازاي
كنت محظوظة أن كان في حياتي دائما أطفال قريبين لي وكنت بشوف ازاي الطريقة السلبية اللي اهلهم بيعاملوهم بيها بتؤثر علي تصرفاتهم و نفسيتهم. كنت دائما بحس إني متعاطفة مع الأطفال دي وبحب أسمعهم وأساندهم و ألعب معاهم و بحس أد أيه هما أطفال ذكية ومختلفة وعندها قدرات قيادية وسط أصحابها ومحتاجة بس فهم وتفهم ومساندة من أهلهم لتربيتهم صح ودعم روح القيادة فيهم. كنت بشتغل معاهم بطريقة فطرية وبلاقي نتيجة ايجابية جدا وفاكرة ان ده بيحصل صدفة أو بالبركة كده
ومن هنا جاء قراري إني أدرس تربية بطريقة علمية عشان اساعد الأطفال ان اهلهم يفهموهم و يعاملوهم بطريقة سليمة. ولما درست فوجئت ان اللي عملته مع الأطفال دي كان من أسباب تطور شخصيتهم بهذا الشكل وأصبحت مقتنعة اكتر واكتر وعايزه أوصل اللي درسته لكل الأهل عشان ولادنا. و خلال المشوار ده اتجوزت و رزقني الله بإبنتي. بنتي هي اللي اعطتني الشجاعة والدفعة الحقيقية كي اخرج هذا الكلام إلي النور. علي الرغم ان عمرها كان ست شهور فقط بس فعلا بقيت حاسه مش بس بمشاكل الأطفال لا بمشاكل الأهل كمان.
كملت دراستي وأصبحت أول مصرية معتمدة من مؤسسة هاند إن هاند الأمريكية للتربية وبدأت أعطي دروس لمساندة الأهل في تربية أطفالهم وتنمية مهاراتهم والحمد لله بدأت أتعرف وأكبر وأنجح. عمري ما ندمت على قراري ولا نظرت للخلف
أكبر تحدي واجهته في حياتي كان تسويق وعمل علاقات لشغلي الجديد لأني بطبعي خجولة جدا ومعرفش أتكلم ولا أسوق عن نفسي. أنا حتى مش مصدقة اني وافقت ان قصتي تتنشر. بس اللي اتعلمته ان الانسان لما بيكون عنده الرؤية والهدف بيعمل حاجات كثير خارج الكومفورت زون بتاعته ايمانا منه بهدفه والنتائج بتكون مذهلة
تجربتي في الحياة علمتني انِك لما تكوني مش سعيدة بتفضلي عالقة خايفة من الحركة خارج الكومفورت زون بتاعك مبتكسبيش حاجة خالص بل بالعكس بتخسري كثير لأن السنين اللي بتروح وبتخسريها مبترجعش. واتعلمت ان فعلا رحلة الألف ميل بتبدأ بخطوة واحدة مش ألف. أبدأي بس والخطوات بتجيب بعضها. مشكلتنا إن إحنا دلوقتي عايشين نفس فكر الشركات الكبيرة إن الرضا وتحقيق الذات بيكون بس عن طريق إنجازاتي في شغلي، ولكن الحقيقة إن في مجالات كتيرة تانية في الحياة ممكن ترضي عن نفسك وتحققي ذاتك عن طريقها
لو تعلمون الغيب لاخترتم الواقع. كتير كنت مضايقة أني محققتش نجاح في شغلي زي زملائي اللي كانوا من سني وتقدموا عني و كنت متضايقة اني لسه مكونتش أسرة وقت ما كل أصحابي كانوا أولادهم بيكبروا أمامهم. بس عرفت ان ربنا كان عايزني أبني وأطور نفسي صح عشان أكون جاهزة لكل ده في وقته
وأخيرا عندي نصيحة مهمة عايزة أوجهها لكل البنات اللي لسه متجوزتش وحاسه انها ضحية الظروف مش عارفه تتجوز وتحقق ذاتها في نفس الوقت وكمان للستات اللي اتجوزوا وخلفوا وحاسين انهم ضحايا ولادهم وحياتهم انتهت لما خلفوا. انا والحمد لله مريت بالمرحلتين وعايزه أقول للأثنين احنا مش ضحايا ولادنا ولا الظروف احنا ضحايا معتقداتنا وفكرنا والطريقة اللي اتربينا بيها واحنا صغيرين. عمرنا ما حننجح او نتقدم طول ما المعتقدات دي مؤثرة علينا. لو ربنا كان خلقنا عشان نتجوز ونخلف وبس كان خلقنا حيوانات. خُلق الانسان كي يعمر الارض