اول ما قابلنا سارة علشان تحكيلنا قصتها سألتني “هو انتي اخترتي تكتبي قصتي ليه؟” والحقيقة اني معرفتش اقوللها ايه ولا ايه ! سارة من الشخصيات المبهرة بالنسبة لي حتى من قبل ما اعرف تفاصيل قصتها. أول ما تابعتها كنت معجبة بعملها الخيري اللي حقيقي ربنا يباركلها عليه. كل يوم الصبح كنت اتابع الفيس بوك الاقي سارة كاتبة دعاء جميل فيه طلب رزق وفتح مقدرش أقول بعده غير “آمين يا رب” وبعدها حاطة بوست بتطلب فيه مساعدة لأهل الصعيد أو الأطفال أو الأمهات. وساعات أشوف بوست ليها وهي في الصعيد بنفسها بتقدم دعم أو توعية أو نشر علم. واللي كان بيبهرني كمان تنوع العلوم اللي كنت بشوفها بتدرسها منها علوم أنا أعرفها ومنها علوم عمري ما كنت سمعت عنها زي علاج الأحلام وعلاج الحزن. وطبعا كنت معجبة بيها وفخورة بيها وهي بتتكرم وتكسب جوائز محلية وعالمية بسبب عملها في المجتمع ووهي قصتها بتتنشر في كتب وحلقات عن السيدات المصرية الملهمة. وكنت كثير بستشعر ان سارة وراها قصة معاناه أو حزن كبير وفعلا في نهاية قصتها شرحتلنا الحدث الأليم اللي كان السبب الحقيقي وراء كثير من معاناتها في الحياة. اليكم قصة سارة موسى الملهمة والمؤثرة….
عشت معظم سنين طفولتي في ألمانيا ورجعت مصر وأنا عندي 17 سنة. قضيت هنا فترة ثانوي وجامعة وعملت الماجيستير كمان هنا رغم إن بابايا كان عرض عليا إني أعملها في ألمانيا الا ان رسالتي كانت عن الشركات العائلية وأنا كنت عايزة اعملها هنا وافيد بيها أهل بلدي
بابايا كان في كل مرة ننزل مصر يهتم إنه ياخدني ملجأ أو مستشفى أو غيره علشان أحس بالغلابة وأساعدهم قدر المستطاع. ومن الذكريات اللي عمري ما حنساها ان كان في ملجأ في مصر القديمة لما كنت أروحه كان في بنت بتيجي تقعد على حجري. ومرة قالت لي يا ماما رغم إني مش بروح كتير خالص. وساعتها حسيت أد إيه هما بيدوروا على حنان الأم أو الإحساس بالأمان
فاكرة كويس من وانا صغيرة لما كنت باجي مصر كنت ببقى محبطة جداً من وضع الفقراء في البلد ودايماً أسال بابايا ليه فيه شحاتين كثار كده وإزاي ممكن أم تشحت بأولادها، ده كان أكتر منظر بيوجعني. كان نفسي يكون عندي المقدرة اني أساعد الأطفال دي وأوفر لهم تعليم وأوفر للستات مصدر دخل عشان يدوا الفرصة لولادهم إنهم يعيشوا طفولتهم. طبعا لما إشتغلت عن قرب مع الناس دي عرفت إن في منهم طلع لقى أهله كده فمش بيعرف حاجة غير كدة. ولما نزلت الصعيد كمان عرفت إن في قرى الستات مش بتخرج من بيتها غير مرتين في حياتها، مرة من بيت أبوها لبيت جوزها والمرة التانية لما تموت. عشان كدة بيخلفوا على حسب الإحتياج لازم في كل عيلة يكون في العيال اللي بيشتغلوا في الأرض والعيال اللي بيجيبوا المياه وهكذا وممكن 2 علشان يطلعوا متعلمين
عندي ذكريات كثيرة من صغري مع العمل المجتمعي. لما رجعت أعيش في مصر كنت بروح مع المدرسة ملاجئ ومستشفيات ولما كنا نعزم ناس في البيت مكنتش بتكسف أجمع منهم فلوس عشان الزيارات دي. وبدأت أروح مستشفى العباسية . وكنا بنعمل أنا وصاحبتي طول الليل أرز بلبن ومهلبية ونروح علشان نديلهم. الراجل بتاع الأمن هناك كان بيقوللي لو عايزة تتأكدي إن الحاجة هتوصلهم لازم تدخلي وتتأكدي إن الحاجة بتتوزع غير كدة الممرضات هياخدوا كل حاجة. فاتعلمت من بدري اني مآمنش لحد ولازم أعمل العمل بنفسي وتحت اشرافي
مع حبي لمساعدة الناس وانشغالي بيه من الصغر الا اني قعدت سنين بعد ما رجعنا مصر بيراودني حلم واحد وهو إني أسيب البلد دي بأي طريقه. حتى حاولت وقت المدرسة كثير مع بابايا ووعدني اني لو ما مشتش كويس في المدرسة هيرجعني ألمانيا، فسقطت نفسي. بابايا ذكي جداً وفاهمني جداً فلما قلتله وعايزة أرجع ألمانيا قالي لازم الأول أقابل كل المدرسين بتوعك وانتي تكوني معايا ولو حد قالي بنتك مش قادرة و الدراسة صعبة فعلا عليها هاخدك من بره بره على المطار. طبعاً كل المدرسين قالوا لبابا إني كان ممكن اخد الثانوية الألماني من غير أي مجهود بس كان واضح لينا كلنا إن هي ماكنتش عايزة تنجح. بابايا صمم إني أعيد السنة علشان اتعلم أكون صريحة مع نفسي قبل ما أكون صريحة مع الناس. عدت السنة فعلا بس في مدرسة تانية لأني ماكنتش قادرة أكمل في مدرستي، وماكنتش مبسوطة أبدا بل بالعكس بدأت أدخل في اكتئاب. فترة الجامعة بدأت أبقى أحسن شوية نفسيا حتى إن أخر سنة درست فصل في جامعة في أمريكا وبابايا عرض علي أفضل في أمريكا واتخرج من هناك بس أنا رفضت لأني كنت دخلت 7 مدارس وكان نفسي مرة أدخل مكان وأتخرج من نفس المكان
فترة الجامعة اتشغلت أوي ما بين الدراسة والمظاهرات. كنت بدرس علوم سياسية وشغفي وقتها كان حقوق الإنسان وإزاي دول زي فلسطين، لبنان والعراق مثلاً مش عارفين نجيب حقهم. وفي الفترة دي كنت قريبة من صديق فلسطيني وعائلته وكنت مرتبطة بيهم ومتعاطفة مع قضيتهم وحاسة أد أيه هو وأهله فخورين جداً بجنسيتهم وكنت بحاول أساعدهم بأي طريقة
بابايا له الفضل انه علمني ان علاقتي بربنا دي علاقة خاصة جداً أكبر بكثير من الزمان والمكان والتفاصيل الصغيرة ومحدش له الحق يتدخل فيها. علمني دايماً أسعى إن ربنا يكون راضي عني مش بخوف بل بحب. سافرت اشتغلت في دبي لمدة 3 سنين في شركة كبيرة وبعد سنة درست ماجستير وانقطعت في الفترة دي عن العمل الخيري بس بابايا كان دايماً بيفكرني بتطليع صدقات وزكاة
حياتي في دبي كانت مثالية ومرفهه في الأول وبعدين حصلت الأزمة المالية وفوجئت إن شركتي مشتني فجأة. كانت صدمة كبيرة أوي بالنسبة لي وصحيح أني كنت من أواخر الناس اللي مشيت بس برضه الأسلوب كان وحش جداً بالنسبة لي وزرع رعب جوايا اني ممكن يتغدر بيه في أي وقت. كنت لوحدي تماما لأننا كان عندنا ظروف عائلية خلت محدش من عائلتي عارف يجيلي. أجبرت إني أمضي على ورقة إني متنازلة عن كل حقوقي واخدوا باسبوري. القنصل الألماني إتدخل والشركة رجعلتلي باسبوري تاني يوم بس دخلت في قضيه طويلة لاسترداد حقوقي وجالي إنهيار عصبي ثاني. بابايا حاول يقنعني اتنازل عن القضيه علشان صحتي بس الموضوع بالنسبة لي كان موضوع كرامة مش فلوس. القضيه فضل شكلها بتتعقد أكتر وحتى المحامي كلمني وقالي أن الشركة حاطه شرط جزائي لو كسبوا القضية إني أدفع لهم 5 مليون درهم تعويض وانا برضه رفضت انتازل لاني كنت حاسه اني صاحبة حق. في الآخر ربنا سهل والحمد لله رجعلي حقي وكسبت القضية بعد تقريباً سنة كفاح
رجعت مصر وحصلت الثورة ورجعت تاني للأعمال الخيرية ونزلت الميدان. كنت بدخل الخيم في الميدان وبقعد أسمع الناس وأسمع حكاويهم ومشاكلهم. مكنتش خايفة خالص – كنت دايما حاسة إن ربنا بيحميني وكان تركيزي إني أساعد في الإحتياجات الطبية: مثلا أجيب أجهزة تنفس وماسكات غاز وهكذا. أهلي سافروا ألمانيا وسافرتلهم بس ماقدرتش ورجعت على طول. وساعتها بابايا قالي إنتي مش صغيرة وده قرارك. كل اللي بطلبه منك إنك متعرضيش نفسك للخطر
بالنسبة ليا الموضوع ماكنش له علاقة بالسياسة، كان له علاقة بحقوق الإنسان والعدالة وإن الناس صوتها يتسمع. من الأيام اللي مش حنساها يوم التنحي. عائلتي كانت راجعه من ألمانيا في الطيارة وبابايا قالي لو سمحتي الأربع ساعات بتوع الطيارة بس خليني متطمن عليكي في البيت. لما وصلوا أهلي مصر نزلنا كلنا في المعادي. كنا وقتها العيلة كلها ماعدا أختي لأنها كانت مسافرة. حسوا ساعتها بيا لما كنت بحكيلهم عن الميدان والروح اللي كانت في الميدان. من الميدان إتعرفت على ناس وطلبت منهم يوصلوني بناس بتشتغل في الصعيد فعرفوني بواحدة عندها جمعية في المنيا، وهي عرفتني على شركات أجهزة طبية وبدأت اشتغل على توفير الأجهزة الطبية للمستشفيات
من ضمن مغامراتي في الوقت ده اني قررت اطلع جبل كليمانجارو. بعد ما خلصت القضية كنت شايفة كل حاجة سلبية وجسمي ماكنش فيه أي طاقة وماكنش عندي أمل في أي حاجة وكنت في يوم قاعدة واحدة صاحبتي بتقولي إن عندها ميعاد مع عمر سمرة. ماكنتش وقتها أعرف مين عمر سمرة ده ولا فاهمة يعني إيه رحلة مغامرات. المهم قالتلي تعالي اتعرفي عليه لأنه شخصية ملهمة جداً وإنتي بتحبي أعمال الخير والهدف من الرحلة دي خيري
قررت أطلع وكنا 25 واحد والرحلة كانت لمدة 9 أيام وكان الهدف اني اجمع تبرعات وأخلق توعية بالأطفال المعاقين ذهنيا في مصر. كان لازم نجمع لكل طفل عشرين الف جنيه تكفيه لمدة سنة وفعلا جمعت المبلغ. التجربة دي من أحلى الحاجات اللي عملتها في حياتي. والتطعيمات للرحلة دي كانت قصة لوحدها لأننا كنا في رمضان وماكنتش عايزة أفطر ولا عايزة ءأخذ حقن بس اخذت التطعيمات وجبت أقراص من ألمانيا للوقاية من المالريا. تدريبات التحضير للرحلة كانت لمدة 3 شهور وكان لازم أكل سمك وتونة وحاجات ثانية عايشة لأن كان لازم يوصل البروتين في جسمنا لمستوى معين وانا نباتية وفاكرة كنت بقعد أتأسف للي بأكله J
من طرائف الرحلة انه كان تحدي كبير بالنسبة ليا إن مفيش حمامات ومش هاستحمى لمدة 9 أيام بحالها. وكانت معانا واحدة بتعمل ميديتاشن ووقتها كنت شايفة ان دي حاجة غريبة جداً. كنت بسمع كلام المرشدين اللي كانوا معانا وبعمل اللي بيقولوا عليه بالظبط لغاية اليوم الخامس فقدت الشهية تماماً. كنا كل لما نطلع كل واحد بيحصله حاجة، وأنا بالنسبة ليا فقدت الشهية وماكنتش بعرف أتنفس ولا أنام كويس
أنا عييت في اليوم الأخير جالي برد وكنت مش قادرة خالص وجه يوم عمر قال لنا انه عمل لنا مفجأة إن احنا واحنا على ارتفاع 4000 متر تقريبا هنطلع جبل عميق جدا من غير حبل والمرشدين هيكونوا معانا وطبعاً ده كان بالنسبة ليا رعب. تخيلت لو وقعت ولما سألت عرفت إن في واحدة المانية وقعت فعلا بس في الآخر أخدت الخطوة وطلعت الجبل ده وأول ما طلعت حسيت إني ممكن أعمل أي حاجة واني مش خايفة من حاجة
الجو طبعا كان برد جدا وأول ما قربنا على الوصول كنت خلاص مش قادرة وفكرة إن احنا ماشيين في الضلمة، طبعا كان معانا كشافات بس كان صعب عليا أوي، وماكنتش مركزة مع الناس اللي حواليا لأني أصلا ماكنتش قادرة أتكلم. قبل ما نوصل بإتنين كيلو ما كنتش حاسة بجسمي وماكنش عندي طاقة خالص وقعدت أعيط وقلتله إني مش قادرة أكمل مش حاسة بجسمي أو برجلي، وهو بيحاول يشربني أو يأكلني ويقولي كل حاجة تشجعني بس ماكنتش قادرة
أنا فاكرة قبل ما أطلع إن بابايا قاللي لو حسيتي إنك مش قادرة تطلعي ماتطلعيش ده مش فشل دي قدرات وكنت عمالة أفكر إزاي أنزل. في اللحظة دي لقيت راجل ماسك عصايا بتاعة الناس العمي وطلع أعمى. المرشد قالي لو الراجل ده يقدر إنتي تقدري وفجأة لقيت نفسي بمشي خطوة وراء خطوة معنديش فكرة إزاي أنا عملت كدة وابتديت أمد أمد لغاية لما وصلت وماكنتش مصدقة نفسي. طبعاً بعد ما نزلنا فضلت 9 شهور أعالج في رجلي بس أهلي كانوا فرحانين بيا جداً وانا كنت فرحانة بالمبلغ اللي جمعته
الفترة دي كانت تعتبر أول فترة بعد الجامعة أقعد فيها من غير شغل وكنت عايزة أبدء أكثف شغلي في الأعمال الخيرية. كنت لما اكون تعبانه بتحسن أول لما أروح المستشفيات أو اروح المنيا. ومع نهاية 2011 حسيت إني لازم ابتدي أشتغل تاني وقدمت في فودافون في 2012 واتقبلت بسرعة أوي. كنت من أول يوم مش عايزة اشتغل هناك لأني بعد موضوع دبي كنت مش واثقة خالص في أي شركة وهما طبعاً ماكنوش فاهمين أنا مريت بإيه، فكانوا حاسين إني شخص صعب التعامل معاه جداً رغم إني كنت شاطرة جداً في شغلي وكنت محبوبة أوي على المستوى الشخصي. كانت الناس شايفة إن الخلطة اللي في شخصيتي دي ألماني وأنا كنت بتضايق إن الناس بتقولي كدة بطريقة سلبية. أتنقلت من قسم لقسم لغاية ما نقلوني قسم إستمرارية الأعمال عشان يوم 30\6. في الوقت ده كنت بنزل الميدان ثاني وكان عندي صراع داخلي رهيب لأني كنت عايزة أكون في الميدان وفي نفس الوقت مفروض عليا إني أكون في المكتب ولو رفضت ممكن أخسر وظيفتي ولو مشيت مش هعرف أدفع الكورس بتاعي. كنت بدأت أدرس العلاج بالتنويم مع واحدة من ألمانيا وكنت حابه جدا اكمل فيه. حصلتلي حالة نفسية وابتديت أتعب جسمانياً بسبب انهم قالولي مش هينفع أنزل الميدان ولازم أكون في الموقع وكنا داخلين في موضوع رابعة وكان ضغط الشغل جامد جداً كله في وقت واحد
في أغسطس 2011 كان أول مرة أروح فيها للايف كوتش. الحقيقة دي كانت توصية من مرات بابايا وكنت قبل كده برفض وشايفة نفسي قويه ومش محتاجه مساعدة. اللي وداني في الاول اني كنت تعبانه نفسيا وحسيت اني محتاجة اتكلم مع حد في مواضيع مش عارفة افصح عنها للناس زي شعوري وقت موضوع قضية دبي. كنت دايماً لما أروح لأي كوتش وأحكي على مشاكلي، كنت بحكي على مشاكل الشغل والحياة عموما وكانوا دايما يقولولي إن في حاجة أعمق. ومرة سألتني اللايف كوتش “هي مامتك فين؟” فقلت مش موجودة ورفضت أحكي أي حاجة أو أشتغل على الموضوع ده لمدة سنين ولغاية قريب أوي
الصدمة الأولى اللي أنا أكتشفتها لما بدأت رحلتي في إكتشاف نفسي كانت وأنا عندي سنتين. جالي حمى شوكيه ودخلت المستشفى في ألمانيا والدكاترة قالوا لأهلي إني بين الحياة والموت وكانت معجزة إني خفيت في الوقت ده لأن ساعتها حتى في ألمانيا الطب ماكنش زي دلوقتي وعشان كدة وأنا طفلة كنت بترعب من المرض. كنت في جلسة من جلسات العلاج بالتنويم رجعت للوقت ده وافتكرت إني كنت عايزة أفك الحقن من إيدي وإني عايزة أجري وألعب وكانت حاجة مرعبة بالنسبة لي كمان لأن في الوقت ده بابا وماما كانوا مش بيقدروا يقعدوا معايا في المستشفى وكنت بضطر إني أقعد لوحدي. فهمت ساعتها سبب كرهي للحقن ورعبي منها ومن المرض والمستشفيات
ودلوقتي ححكيلكم أكبر تحدي مريت بيه في حياتي وكان تأثيره على حياتي ممتد سنين وسنين منغير ما أشعر أو أكلم أي حد في الموضوع. مرة وإحنا في مصر وأنا عندي 6 سنين كنا بنعدي الشارع أنا ومامتي وصاحبتها وصاحبتي وعربية خبطتنا وماما نزفت جامد وماتت في المستشفى بسبب كمية الدم اللي خسرتها. لما بدأت العلاج بالتنويم كان لازم نشتغل على كل سنين عمرنا وكنت قلقانة أوي لما قربنا لفترة الحادثة. كان البروفيسر بيقولي “ماتخافيش” بس أنا كنت مرعوبة وكنت كثير أقرر إني ماروحش الفترة دي بس المشكلة إني كنت لو مخلصتش الساعات العملي مش هاتخرج. وكانت الفكرة في العملي إني لو مامرتش بالتجربة بنفسي مش هعرف أعالج حد وعشان أعالج نفسي من الصدمة دي لازم أخوضها. المعالج هو مجرد أداة تساعدني لكن لازم أنا اشتغل على نفسي. وكمان كانت الرسالة بتاعتي في شهادة العلاج النفسي بالتنويم المغناطيسي هي إزاي ممكن تعالج صدمات الطفولة عن طريق التنويم وقررت أعمل الدراسة على تجربتي أنا الشخصية. كانت تجربة قاسية جداً جداً بالنسبة ليا مهما وصفت إني أعيش احداث الحادثة كلها بتفاصيلها وبتفاصيل شعوري وقتها
ومن الحاجات اللي اشتغلت عليها في الفترة دي اني أسامح الراجل اللي خبطتنا بالعربية ودي كانت من أصعب مراحل الإصلاح. وفعلا وصلت إني أسامحه لأني كنت دايماً بلومه على وفاة أمي بس فعلا هو مالوش أي علاقة دي حكمة ربنا. وده كان سبب إني أدرس اليوجا عشان أعرف أعمل إتصال وحب بيني وبين جسمي لأني في أماكن في جسمي كان فيها أثار بسيطة جداً من الحادثة بس أنا كنت مش بقدر أبص عليها خالص
الفترة دي ماكنتش في حالتي الطبيعية وده أثر عليا جامد في الشغل والناس ماكنوش فاهمين أنا بتصرف كدة ليه وبصراحة مشرحتش لحد وفي النهاية سبت الشغل
مع العلاج بالتنويم اكتشفت إن ماما كانت طول عمرها بتحب تساعد الناس جداً وبالذات الستات والأيتام. وعرفت من قرايبي إنها كانت دايماً بتدور على حد تساعده وفهمت وقتها شغفي جاي من فين وكأني قررت أني أكمل رحلتها وهدفها في الحياة. في فترة شغلي في فودافون كنت بعمل أعمال خيرية كتير أوي، كنت بطلع الصعيد ومشاريع تانية كتير. وطبعاً كنت مسئولة عن فلوس كتير بس أنا ماكنتش باخد من حد أي مبلغ حتى لو صغير غير بوصل. وإكتشفت إن الأعمال الخيرية كانت من وسائل علاجي نفسياً رغم إني عمري مافكرت في الموضوع بالشكل ده. واكتشفت إن أكتر الحالات اللي كانت بتشدني هي إني أنقذ حياة طفل أو حياة أم وبدأت أركز أعمل حاجات عشانها، يعني دخلت في مشاريع محطات مياه عشانها
طلوعي جبل كليمانجارو حسسني أوي بأمي وكمان كان معانا في الرحلة صاحب مستشفى السلام. أنا كنت بكره المستشفى دي وكانت بالنسبة ليا أوحش مكان لأن هو ده المكان اللي أمي ماتت فيه فكل مرة كنت بعدي من جنب المستشفى كنت بحس إني عايزة أهدمها. فكانت مفارقة غريبة أنه يكون معانا وانه قال إن كل واحد بيجمع فلوس وحيوصل للقمة أنا هدفع أد ما هو جمع، فأنا فكرت إن كده بدل ما هنقذ طفل واحد لمدة سنة هنقذ طفلين وكانت دي من الحاجات اللي شجعتني أنا والـ25 وفعلاً وبعد ما وصلنا، مستشفى السلام طلعت المبلغ واحتفلنا كلنا احتفال محفور في قلبي للأبد
بدأت أدرس حاجات كتير في مجال الطاقة وأساليب مختلفة للعلاج وده شجعني إني أكتب التجارب اللي مريت بيها وكتبت جواب لمامتي في الثانوية بتاعتها. كنت في الأول بكتب خواطري على الفيس بوك وبعدين جمعتهم كلهم في كتاب واحد بس لسه ماطبعتوش. وبكتب دلوقتي كتاب تاني بس عن الجانب الروحاني وازاي تلاقي نفسك وتعرفي سبب وجودك في الدنيا وتكملي شغل على نفسك
وفهمت إن أنا من يوم حادثة أمي وأنا قفلت على قلبي وعلى نفسي وكنت رافضة حد يقربلي، اي كان نوع القرب صداقة أو حتى علاقة وكمان فهمت إن أنا من وأنا صغيرة وأنا عارفة أنا عايزة أعمل إيه في حياتي وكان لازم أمر بكل اللي مريت بيه عشان أكون اللي أنا عليه النهارده. والألم اللي مريت بيه في حياتي هو اللي اداني القوة ان أنا اصلح من نفسي
مش هقدر أقول قد إيه أبويا كان واقف جنبي طول حياتي وإنه مثلي الأعلى في حاجات كتير جداً وأهم حاجة إنه كان دايماً بيديني المساحة عشان أكون نفسي وأغلط واتعلم وأحب نفسي بالرغم انه كثير مكانش موافق على اسلوبي أو قراراتي
دلوقتي أنا مدركة ان كل الوجع اللي مريت بيه في حياتي هو ده اللي خلاني اكون انا بتاعة النهارده. كنت محتاجة أواجه وجعي ومشاكلي واساعد نفسي اني أشفى واسامح واعدي كل المراحل الصعبه وابص للي بعدها
رحلتي علمتني ان الواحد مهم مش بس يتعرف على مصدر وسبب وجعه الاهم انه يواجهه ويتحرر منه علشان يعرف يتواصل ويرتقي بروحه واتعلمت يعني ايه أحب نفسي، واتعلمت إني ماسمحش لحد يعمل فيا حاجة تضايقني وإني ماكنش ضحية وكمان إني مش مظلومة. ودلوقتي نفسي أكون أسرة وأقوم المؤسسة بتاعتي وأكمل شغلي في علاج الناس وأكمل كتاباتي