في باطن كل محنه فيض من المنح

أول مرة قابلت فيها قسمت كنا مع بعض في ريتريت.  سمعت قصتها وكانت وقتها يا دوب فاتحة محل كيك في الزمالك بقالها فترة قصيرة وبتكافح للحفاظ على التوازن في كل اللي عليها.  تابعت قصتها على مر السنين وتابعت فخر أولادها بيها ودعمهم ومساندتهم ليها.  أول مرة أروح فرع كيك كافيه الجديد اتأثرت أوي لما قرأت القصة في أول صفحة في المنيوو بلسان حسين وفريدة.  قصة قسمت مليانة دروس ملهمة أهمها ان الأهم من الرزق هو ادراك الرزق

على مدار حياتي مريت بتحديات كثيرة طريقة تعاملي معاها هو اللي خلاني قسمت بتاعة النهاردة.  فاكره لما والدي توفى وأنا عندي 18 سنة.  كانت مفاجأه وصدمة كبيرة.  لغاية اللحظة دي كانت حياتنا مستقرة وجميلة جدا، وبابايا كان شخص محبوب جدا.  بعد وفاته بقى هدفي الأساسي في حياتي المحافظة على أسمه.  كنت شايفة اني لما احافظ على اسمه هحافظ على حبي ليه.  وفضلت طول حياتي بسعى إن اسمي لما يذكر يتقال عني حاجة كويسة.  ده خلاني في مواقف كثيره أسلك الطريق الصح حتى لوكان الأصعب والأطول

بعدها جه تحدي طلاقي وتربيتي لأولادي.  كنت مضطرة أعتمد على نفسي تماماً في كل ما يخصهم وكنت برضه عايزاهم يكونوا فخورين بالحاجة اللي بعملها ومع الوقت الحاجة دي بقت كيك كافيه

انا خريجة المدرسة الألماني وحلم ابويا كان اني أدخل الجامعة الأمريكية قسم ادارة أعمال لأن الموضة وقتها كانت ان البنت تشتغل في بنك.  حلمي كان اني اكون مصممة مجهورات بس فكرة فنون تطبيقية كانت مرفوضة عند والدي.  والدي اتوفى بعد اول سنة جامعة وصممت أدخل إدارة اعمال زي ما كان بيحلم  

يوم ما اتخرجت قلت لأمي “أنا عملت اللي انتوا كان نفسكم فيه.  حان الوقت اني أشتغل على حلمي.  وفعلا سافرت المانيا واخدت كورس تصميم مجوهرات ورجعت اشتغلت في محل من أعرق محلات المجوهرات “فرتان”.  اشتغلت هناك لمدة 13 سنة.  مكنتش حاجة سهلة وكنت البنت الوحيدة في الورشة ومع كده قضيت احلى ايام حياتي هناك

في الوقت ده كنت اتجوزت وخلفت ولد وبنت.  بنتي كان عندها مشاكل في الهضم وكانت محتاجة اهتمام خاص.  الأولاد في الفترة دي من حياتي كانوا الأولوية فقررت اسيب الشغل.  وقتها عيلة فارتان اقترحوا عليا اشتغل مرتين في الأسبوع بس انا حسيت ان ده هيأثر على مستوى شغلي فسيبت الشغل مع اني كنت في أنجح فترة.  بعدها جتلي عروض ثانية لكن انا حسيت ان مجال المجوهرات فيه أسرار كتيرة. العيلة دي كانت ائتمنتني على أسرارها وكنت واحدة منهم فقررت اني مش هاشتغل في المجال ده تاني

قررت أعمل تاني أكتر حاجة بحبها وممكن تدخلي دخل وهي الكيك.  بدأ الموضوع اني روحت معرض الكتاب أدور على كتب لعمل الكيكات.  لقيت فعلا كتاب لكن ماكنش وقتها عندي الرفاهية اني اشتريه فاستأذنت من البياع اني انقل النمرة اللي مكتوبة على الكتاب وكانت نمرة لمدرسة في سويسرا.  راسلتهم وبدأت اعمل كيك كتير لغاية لما حوشت مبلغ وسافرت.  كان كورس مكثف جدا ( 14 ساعة في اليوم) لمدة عشر أيام بيعلم طريقة عمل وتزيين كيكات المناسبات

قعدت سنين بعمل وبزوق كيك للمناسبات من البيت ولما كنت محتاجة أوسع نشاطي جاتلي فكرة فتح محل للكيك.  أجرت محل صغير في الزمالك اللي هو مقر كيك كافيه الأصلي لغاية النهارده.  وقتها كان أولادي بيخلصوا مرحلة المدرسة وداخلين الجامعة فكنت كل ما أحوش شوية فلوس عشان أوضب وأفتح المحل أصرفها على دراستهم حتى كانت الناس مستغربة ازاي واخدة المحل ومش بفتحه.  بدأت أعرض شوية شوية حاجات بسيطة في المحل من غير ما أفتح رسمي، لغاية ما يوم السايس اللي كان مسئول ينضف الإزاز من برة قالي ” انتي مش هاتفتحي بقى يا مدام قسمت ولا ايه ؟ “.  وكأن سؤاله ده اداني الحافز او الدافع اني ابدأ.  معملتش دعاية ولا حاجة في الأول.  فتحت في ابريل 2011.  وقت المظاهرات كانت الناس بتحس ان المحل مكان مريح يتجمعوا فيه وكان أول محل الناس تعدي عليه وهي راجعة من التحرير فكان سبب انه اتعرف

بلاحظ ان شباب كتير النهارده عاوزين يبدأوا كبار رغم اني بحس ان من اسباب نجاحي الأساسية اني مابدأتش كبيرة.  كنت دايما بحقق احلامي بالإمكانيات اللي متاحة معايا، وبحس ان ده فن الحياة.  ده حتى وأنا عندي المحل كنت لسه بعمل الكيك في البيت ولما كبرت شوية وأجرت مطبخ صغير بدأت بفرن بيت عادي جدا

مع الوقت اتعرض علي الشراكة والتوسع ووافقت.  كان إتفاق ودي مش رسمي بس أنا لغاية دلوقتي بعتبر ان كلمة الواحد الزام عليه.  وبالرغم انهم كان عندهم مشاكل مادية وكذا حد تاني عرض عليا الشراكة بدالهم الا اني فضلت ملتزمه معاهم لغاية لما جت فرصة اني أفتح في الساحل.  ماكنش معايا فلوس أفرش المكان وطلبت من شركائي يساعدوني لكنهم رفضوا.  كانوا شايفين اني صعب أنجح في الساحل والمكان بعيد والموضوع كبير عليا.  بصراحة انا كنت فعلا خايفة من الخطوة دي جدا لكن الخوف ساعات بيكون حاجة مطلوبة طول ما هي مش هاتوقفك لانها بتخليك تركز وتسعى بجهد

كان تحدي كبير وماكنش عندي إمكانيات بس الحمد لله ميأستش.  اشتريت الكراسي والترابيزات من مكان اسمه باب الخلق.  جبت أربع ترابيزات كبداية.  حطيت حاجات بسيطة جدا لكن زكزت ان المنظر يكون جميل ومريح.  وفتحنا والدنيا مشيت كويس جدا.  كنت بغسل الأطباق وبقدم الأكل وبنضف إزاز المحل من برة مع العمال.  كنت بعمل كل حاجة.  طول ما أنا بشتغل حاجة شريفة يبقى عمر ما ده هاينزل من قيمتي.  بالعكس، أنا هافضل أنا.  اتعلمت أعلم نفس الدرس لأي حد بتشتغل معايا.  ده بيخلق جو حلو وانتماء للمكان بالذات لو كل واحد حس ان شغلته فعلا مهمة مهما كانت صغيرة

السمعة الكويسة دي حاجة محتاجة شغل كتير وإلتزام كتير اوي.  لإني بهتم اني احافظ على كلمتي ممكن مايبقاش معايا فلوس كثيرة بس ناس كتير ممكن تعمل معايا شغل عشان عارفة ان كلمتي عقد الحمد لله

أكتر وقت حسيت علاقتي بربنا قوية وفهمت معنى التوكل والبركه بجد كان وقت الكورونا.  كنت وضبت وفرشت وعينت كل الفريق لفرع المحل الجديد في سوان ليك.  كان بقالهم شهر بيتمرنوا لما كل حاجة قفلت.  جالي وقتها المحاسب وقال لي لازم نمشي ناس يا إما هنقع.  رفضت.  أنا بالنسبة ليا أي حد بيشتغل معايا مش مجرد شخص. هو قصة حياة وانا مش هقدر العب في حياة حد.  كانت ظروف قاسية جدا واتهزيت شوية بالذات اننا مكناش عارفين الموضوع مكمل لغاية امتى بس مع ده كان عندي يقين ان ربنا كريم وهيرتبها من عنده  

بدأ ربنا يفتح لنا أبواب غير متوقعة خالص.  أولا بدأت وانا في البيت أطبخ لأولادي حاجات عمري ما طبختها قبل كده. حطيت الصور على الفيس بوك فلقيت حد بيكلمني يقولي اللي انتي طبخاه ده حلو اوي.  أنا هافتح لك مطعم أول ما الكورونا تخلص.  وفي عز الأزمة في رمضان طلب مني المهندس محمد علام علب سحور لسكان كومباوند سوان ليك.  لما الناس اتبسطت، طلب لكل الكومباوندات بتاعته والربح من ده هو اللي دفع مرتبات الشركة كلها لفتره 

واخر فرع فتحته هو جوة محل عزة فهمي في الساحل.  الفكرة جت وقت الكورونا بس لأن كان في حماس من الطرفين فالفكرة نجحت جدا الحمد لله.  المحل هناك مختلف وطابعه مصري

لغاية دلوقتي المكتب بتاعي عبارة عن كرسي في وسط الشولة.  الكرسي ده هو اللي بعمل عليه الوصفات وبرسم عليه لغاية دلوقتي

الدرس اللي اتعلمته أنا وكل اللي شغالين معايا في الفترة دي ان الرزق الحقيقي بركة مش فلوس.  وشوية بشوية بدأ فرع سوان ليك يتعرف ويشتغل كويس ويجيب ارباح الحمد لله.  وفي مرة قلت للمحاسب بتاعي احنا رصيدنا كبير عند ربنا واحنا بنسحب منه دلوقتي ووقت الأزمة كنت دايما أقول تكفيني دعوة ام واحدة من اناس اللي بتشتغل معايا

Leave a comment