قصة قائدة فريده من نوعها تسعى لتحقيق رسالة حياتها من خلال مشروع مجتمعي تربوي تنموي

Yasmine Helal

أول مرة أعرف فيها عن ياسمين كان سنة 2010.  كنت وقتها في مرحلة تخطيط هاعمل مشروع ثينك بتاعي إزاي، وكنت بعمل بحث على النت وشفت موقع علمني بالصدفة.  فاكرة كويس إنه شدني لأن لوجو الفراشة بتاعه كان رقيق وملفت وألوانه زاهية أوي وكان مكتوب بالإنجليزي بأسلوب مهني ومتحضر.  ولما دخلت على جزء المؤسسين لقيتهم مجموعة شباب عاملين مبادرة يساعدوا بيها المجتمع بمجهودات ذاتية .  استغربت جداً لأني كنت متعودة على طريقة مختلفة الناس بتساعد بيها المجتمع ياإما من خلال جمعيات شرعية أو ستات كبيرة بتنزل بنفسها مناطق توزع تبرعات وتخدم بوقتها ومجهودها.  وعدت سنين وكنت على الفيس بوك في رمضان سنة 2016 ولقيت إعلان علمني حاطاه بتطلب تبرعات لبناء مقر مدرسة ليها في منطقة الطالبية.  كان لوجو الفراشة اتجدد ودخلت على الموقع لقيته اتطور واتغير خالص وعلمني بقت مؤسسة وفِكرها اتطور واتغير.  تواصلت وقتها مع ياسمين لإني كنت كلي فضول أشوفها وأتعرف عليها وعلى الشباب القائمين على المشروع وأعرف لو ممكن نساهم ونساعد وإزاي.  وفعلاً زرتهم في مقرهم في الطالبية.  كانت زيارة مش هانساها أبدا.  في وسط العشوائيات والتراب والطين طلع لي 3 شابات لبسهم وطريقتهم مش لايقين أبدا ًعلى المكان لكنهم في نفس الوقت مندمجين ولايقين جداً.  ياسمين كانت شايلة بنت من بنات المدرسة كانت عمالة تبوس فيها.  أدام المبنى كان في شاب بيعلم الأولاد إزاي يصوروا.  منظر غريب ومفرح بالنسبة لي ان أطفال لبسهم متهالك وشعرهم كله تراب وجزمهم مقطعة ماسكة كاميرا عمالين يعملوا بوزات ويصوروا بعض.  دخلنا وياسمين فرجتني على المكان وحضرت درس للأمهات من المنطقة كلهم لابسين جلابيات سوداء وبيعملوا تمارين رياضية وكانت إبتسامتهم وضحكتهم مالية المكان.  بعدها الشباب القائمين على المشروع شرحوا منهجهم وطريقة تفكيرهم ونظرتهم للمستقبل.  ياسمين إتكلمت في قصتها على دافعها ومحركها ومصادر إلهامها ودعمها.  اللي حابه أضيفه لأني فعلاً لمسته إنها إنسانة فريدة من نوعها مؤمنة جداً باللي بتعمله وبتعمله بشغف وإخلاص وملهمة للي حواليها اللي عندهم نفس الشغف والعزيمة والاهتمام بالقضيه.  كلي فخر إني أقدملكم قصتها

بداية مشواري كان كمهندسة.  درست هندسة طبية في جامعة القاهرة واتخرجت سنة 2007 واشتغلت مهندسة في شركة الكاتيل لوسنت كمهندسة اتصالات. جمب الدراسة والشغل كنت بلعب سلة بإحتراف من وأنا عندي 8 سنين ولمدة 19 سنة في نادي الجزيرة ومنتخب مصر.  بحب السلة أوي وحققت فيها 38 ميداليه وبعتبرها من المدارس اللي اتعلمت منها كثير أوي وكان لها دور أساسي في تكوين شخصيتي.  بدأت فى مشروع «علمنى» سنة 2010.  كان عندي وقتها 25 سنة وكنت لسه بشتغل وبلعب سلة ومبسوطة بيهم

بدأت فى مشروع «علمنى» سنة 2010 .  بدأ كمبادرة وصفحة على الفيسبوك علشان نجمع فلوس لمساعدة الأهالي الفقيرة فى دفع مصاريف المدرسة وكانت نيتي وقتها اني أعمل ده كعمل تطوعي جمب شغلي.  اللي حصل اني انضملي 2 شركاء والمشروع كبر واتوسع وبدأ يأخذ وقتي وشغفي واهتمامي وكمان انضملنا شباب متطوعين مهتمين بالمبادرة.  ومع الاحتكاك المباشر أكثر بالأطفال حسينا بأن في مأساه حقيقية في مفهوم التعليم والتربية في المدارس الحكومية وفي البيوت في المناطق العشوائية.  أقل مشكلة فيهم ان التعليم كل تركيزه على الحفظ والتسميع بس والمهارات الفكرية مهملة تماما والمدارس معندهاش أي موارد خالص  والفصول مكدسة على الآخر فبدأنا نفكر ازاي المدارس دي المفروض تطلع انسان مجهز للحياة والعمل والبناء في الزمن ده؟  ومن هنا بدأت علمني تركز على الأطفال وتنمية طريقة تفكيرهم ونظرتهم لنفسهم ولامكانياتهم وأنا قررت أسيب شغلي المؤسسي وأتفرغ للمشروع ده اللي هو جزء مني دلوقتي

في في حياتي ثلاث أشخاص كمان بعتبرهم ثلاث مدراس ثانيين كونوا وأسسوا شخصيتي.  أول شخص هو مامتي.  مامتي كانت دايماً بتعلمني إني لما أعمل حاجة لازم أعملها على أكمل وجه ولازم أكملها لآخرها.  وهي اللي شجعتني على الرياضة.  ولأنها دايماً المحرك الأساسي بتاعها هو قيمها ومبادئها فطلعنا انا وأخويا عندنا قيم ومبادئ واضحة هيه اللي بتحركنا.  من أهم المبادئ دي إننا منتأثرش أوي بنظرة المجتمع لينا.  عشان كدة حاجات كتير من اللي عملتها في حياتي كانت مختلفة.  يعني وقت ما كنت بلعب رياضة بأحتراف وفي نفس الوقت مركزه ومتفوقة في دراستي ماكنش في ناس كتير خالص عندها الفكر ده.  أنا ومامتي كان عندنا قناعة إن مفيش حاجة تأخد من وقت حاجة بل بالعكس بتضيفلها.  يعني الرياضة كانت بتشجعني إني أنظم وقتي أكتر وبتديني طاقة.  وعلمتني إني أعمل اللي ورايا في وقت قصير وفي نفس الوقت بإتقان.  وحتى وأنا في هندسة كنت بلعب، رغم إن ناس كتير أوي في الكلية ماكنتش بتلعب رياضة.  وحتى لما اشتغلت كنت بلعب.  ولما بدأت علمني كانت فكرة غريبة على المجتمع ومش مرحب بيها أوي وأهلي ماكنوش مقتنعين في الأول بس أنا كنت حاسة إن دي حاجة توافق قيمي ومبادئي فثابرت فيها

الشخص الثاني هو بابايا، وهو شخص دائما مواظب على التعلم.  هو في الأصل مهندس ورجع درس زراعة وحاجات ثانية كتير جداً.  بابايا لغاية دلوقتي بيشتغل حتى أكتر مني وبيحب شغله جداً.  اتعلمت منه إني اشتغل دائما في حاجة أحبها وان شغلي يكون دائما وسيلة للتقرب من ربنا.  أنا بشتغل عشان دي رسالتي في الحياة ومشروعي في اعمار الأرض مش عشان ده شغل وخلاص بيجيلي من خلاله رزقي.  وبحاول من خلاله أقدم دوري في زيادة العدالة الإجتماعية في المجتمع ودي قضية أنا مؤمنة بيها جدا.  اتعلمت كمان ان حياتي وشغلي وكل اللي بعمله يكون منجانس وإن كل حاجة بعملها تكون طريقي لارضاء ربنا من خلال مساعدة الناس مش ارضاء الناس ولا ارضاء المجتمع ولا حتى الوطنيه.  ده بيخليني دائما أسأل نفسي أنا لما بعمل أي حاجة بعملها ليه ومفكرش في النتيجة بتاعة أي عمل أعمله لأن النتيجة أصلا مش بتاعتي.  المطلوب مني واللي أقدر أعمله فعلا هو السعي المستمر وبس ومبتأثرش بكلام الناس اللي بتحاول تحبطني أو بتقعد تقوللي كثير “وأنتي واجعة قلبك ليه” أو “البلد دي مش مستاهله” أو “مفيش فائدة” .  اللي بيفرق معايا بجد هو اني أعرف اني حاولت قدر المستطاع وعملت اللي عليه وطول ما بحس اني بعمل فرق بجد للناس وان فيه تطور بيحصل بكون مرضيه وعندي طاقة اني أكمل

أما الشخص الثالث فهو محمد جوزي.  أنا قابلت محمد في الكاتيل لوسينت.  كان بيشتغل معايا بس في قسم مختلف.  من أول يوم قابلته عجبتني أوي طريقة تفكيره.  لما عرف اني حبدأ مبادرة علمني وهي كانت  وقتها صغيرة أوي اشترك معايا بمنتهى الشغف ودعمني بأفكار كتيرة وكبيرة أوي أنا وقتها مكنتش مستوعباها بس طلعت كلها صح وهي الأفكار اللي لغاية دلوقتي بتحرك علمني للأمام.  ولما سبت الشغل واتفرعت لعلمني هو اللي شجعني إن علمني تكون مؤسسة وساعدني إني أشهرها وأكبرها.  وقربنا من بعض أوي واتعرفت أكثر على شخصيته.  محمد بالنسبة لي مدرسة بتعلم منها كثير أوي لغاية دلوقتي سواء بطريقة مباشرة من حاجات بيعلمهالي أو بطريقة غير مباشرة من أفعاله وطريقته

أما مثلي الأعلى فهو سيدنا عمر بن الخطاب لأنه كان مهتم أوي بالعدالة والإنصاف ودي حاجة مهمة جداً بالنسبة لي. هو كمان كان متواضع وبيحمل نفسه مسئولية رعيته كلهم، وكان بيحس إن لو حد محتاج إن هو شخصياً مقصر لأن دي مسئوليته. ودي حاجة أنا بقتدي بيها جداً

أنا أم لبنت عندها 10 شهور إسمها عالية.  أول ما ولدت أخدت أجازة 4 شهور من الشغل كنت عايزة فيهم أعيد ترتيب أوراقي وحياتي في الشغل والبيت وكله.  وبعد شهرين أدركت أني عندي مساحة وقت فقررت إني أخد كورس أون لاين عن العلوم السياسية لأن دي حاجة أنا بحبها أوي وابتدييت واحدة واحدة أسأل ستات تانية عن خبراتهم بعد الولادة مع الشغل.  لقيت إن في ناس كانوا بيسيبوا الأطفال مع الجدود أو في حضانة بس أنا ماكنتش حابة فكرة إني أسيب عالية خاصة إني برضع طبيعي.  أكبر مصدر دعم ليه مع عالية هو محمد.  هو مش مؤمن أن الست لها دور والراجل له دور لأ هي أدوار بنلعبها مع بعض.  هو ساعات كثير بياخد عالية معاه الشغل بالذات لما بدأت تأكل.  بالنسبة لي أنا التحدي كان إن في أوقات كتير شغلي برة في وزارات أو سفارات وكان لازم عالية تكون معايا، ففكرنا في فكرة إن يكون معايا واحدة بتساعدني وتيجي معايا وقت الشغل يعني حضانة متنقلة.  طبعا ده مجهد جداً بس مريح نفسياً ودايماً بفكر نفسي إن عالية أولويتي فمثلا حتى لو أنا في إجتماع وعالية عيطت أنا مش بيفرق معايا ده وقعه على الناس إيه.  ولما بيجيلي أي سفرية طبعاً عالية بتكون معايا، أنا بعتبرها شريكتي في مشواري

نفسي أحقق أثر إجتماعي أكبر مني بكتير أوي ويفضل بعد رحيلي بكتير.  مش شرط إن أنا أبقى شايفة دلوقتي هقدر أعمل ده إزاي أو إني يكون عندي المهارات والموارد اللي تمكنني من إني أعمل كدة بس المهم أصدق حلمي وأكمل سعي. علشان حلمي كبير وطويل المدى، بحس اني علطول محتاجة أشتغل جامد أوي ودي بتبقى عملية مرهقة شوية

بحاول إني ماعجزش نفسي بالهدف الكبير وإني أكسره لخطوات صغيرة أقدر أتعامل معاها وأحس بانجاز وكمان أحط معاها حاجات ثانية. بحاول أعمل حاجة كل يوم عشان أكبر وأتعلم، ودايما بحاول أحاوط نفسي بناس أقدر أتعلم منهم حتى أصدقائي وبقرأ كتير وحضرت برامج كتير أوي عشان تنمي مهارات مختلفة عندي وعملت ماجيستير في إدارة التعليم الدولي

التحدي الحقيقي بالنسبة لي هو إني أوازن بين علمني وأسرتي وحياتي الإجتماعية وأهلي وصحتي واني يكون عندي وقت ألعب وأضحك فيه. اكتشفت في مشواري إن مفيش حاجة إسمها توازن بشكل مطلق، وبالتالي مفيش حاجة إسمها مثالية. في فترات في حياتي بحتاج أركز على وجهة معينة وفترات تانية هركز على وجهه تانية.  وكمان أنا مقتنعة إن الواحد مش بيعرف يركز في أكتر من ثلات حاجات في نفس الوقت فمثلاً ممكن في أوقات الثلات حاجات دول يكونوا شغلي وصحتي وأهلي وممكن في فترات تانية يكونوا بنتي وأنا وأصحابي. فهي حاجة بتتغير على مدار الوقت.  أنا شخصياً مبسعاش للمثالية ومش بجلد نفسي لو قصرت في حاجة أو حاجة وقعت مني. أنا بعمل أللي أقدر عليه وإن عادي في حاجات هاتقع وده مفيهوش مشكلة. وكمان لازم الواحد يحاول يحدد وقت معين للشغل ووقت للحاجات التانية عشان الوقت يساع لكل حاجة محتاجة تتعمل. وعشان الشغل مايخدش كل وقتي، أنا بحاول أثبت ساعات العمل بتاعتي وبحاول أزود إنتاجيتي فيهم عشان بقية الوقت أقدر أعمل حاجة تانية. ومن الحاجات اللي بعملها وفخورة بيها ان بنتي اللي هيه أهم اولوياتي وباخدها معايا الشغل والاجتماعات عشان أقدر أخلي بالي منها وأقضي معاها وقت في وسط اليوم وأنا بشتغل

علشان تنجحي لازم تكوني قادرة تحددي إيه مفهوم النجاح بالنسبة لك انتي. مش شرط يكون ده المفهوم بالنسبة لغيرك أو بالنسبة للمجتمع. واعرفي ان مفهوم النجاح بيتغير في كل مرحلة وعشان كدة لازم نكون قادرين نعيد تعريفه في كل مرحلة من حياتنا بمرونه ونفكر في الجوانب المختلفة من الحياة مش الشغل بس.  من خلال تعريفنا للنجاح نقدر نبدأ نعيش حياتنا بطريقة تحقق النجاح ده. ونكون عايشين حياتنا بتعريفاتنا احنا مش تعريفات المجتمع

Leave a comment