ريهام شابة طموحة قرأت عنها كثيرا وعن نجاحاتها قبل أن نتقابل. أول مرة أراها فعليا كان في مؤتمر لرواد الأعمال مقام في الجامعة البريطانية وكانت هي أحد المتحدثين. لفت انتباهي وبهرني أنها لم تأتي وحدها بل كان بصحبتها أولادها وساعدوها في تحضير امورها ثم جلسوا واستمعوا معنا بكل شغف وانصات. أدركت وقتها ان شيء ما يميز هذه الشابة الناجحة. مرت السنين وفي ملتقى رواد الأعمال رايز أب السنة الماضية تحدثت معها لأول مرة وتعرفت عن قرب على الشخصية الجميلة المبتسمة الضحوكة المتفاؤلة المكافحة المحبة للحياة وراء كل هذه الانجازات. اليكم قصتها
الحقيقه من ساعه ما رانيا بعتتلي و طلبت مني اكتب عن قصه نجاحي المتواضع، لقيت نفسي تلقائيا ببعتلها انجازاتي العمليه او بمعني ادق البيو بتاعي. رجعت لي تقول لي، ريهام الناس عايزه تتعرف عليكي انت شخصيا مش بس على شغلك، ايه اللي حصل في حياتك خلاكي تبقي ريهام القويه اللي عرفت توصل لكل ده. بصراحه لولا حبي لرانيا، و كمان اصرارها علي ان تستعرض قصص نجاح لسيدات موجوده في وسطنا و عدوا بتجارب حياتية و برغم كده نجحوا وفي وسط اصرارها وصبرها علي انا شخصيا رغم اني كل شويه باجل الكتابه في محاوله يائسه انها تزهق مني، لكن لقيت نفسي عماله افكر، خاصه اني اتسالت السؤال ده كذا مره و الحقيقه عمري ما عرفت اجاوب بجد، لان ببساطه اتضح لي ان الواحد بيعدي بمراحل و تجارب في حياته هي اللي بتكون شخصيته و يبقي كداب قوي اللي يقول ان هيفضل هو نفس الانسان بتعريفات و استيعابه و فهمه للحياه
انا مبدئيا أم لمشروعين رواد آعمال و اصحابي و شركائي وأولادي و حياتي كلها عمر 14 سنه و جودي 12 سنه
حياة اي حد فينا عباره عن محطات، محطات فيها نجاح و قوه ومحطات بيحصل فيها فشل اللي بها بتتعلم حاجه جديده و بتخليك تكون قوي، في حياتي كان في كذا محطه وصلتني للي انا فيه و طبعا لسه عندي محطات جايه كتير ان شاء الله. خلوني احكي عن اهم المحطات اللي فاكراها من حياتي
المحطه الاولي
انا بعتبر نفسي من الناس المحظوظه بتربيه والدي “رحمه الله عليه” و امي “ربنا يديها الصحه“. زرعوا جوايا مباديء و قيم عاليه وقويه كانت هي القاعده الآساسيه لي في مواجهه الحياه. ده غير ان عمرهم ما فرقوا بيني و بين اخواتي الاولاد رغم اني كنت البنت الوحيده في وسط 3 اولاد بل بالعكس كانوا بيخلوني دايما احلم و اكون طموحه جدا و يجرؤوني
وانا عندي ١٦-١٧ سنه تقزيبا، و توفى والدي فجاه في حادثه. كنت انا من الجيل اللي اتولدوا في الخليج و اللي زي ما بيقولوا اتولدوا و في بقهم معلقه دهب، و سمعا و طاعه لدلوعه العيله البنوته علي ثلاث اولاد البكريه، لكن الدنيا قالت كفايه عليكي دلع كده يا ريكو، هناخد منك اغلي الناس و سندك و ضهرك ومش كده بس، حتي الماديات “بخ”، مامي حبيبتي رجعت من السعوديه، ارمله في سن ٣٦ بخمسه اولاد اغلبهم في سن المراهقه و رضيعه عندها ٦ شهور و كان عندنا مشاكل في الميراث فكان يا دوب مش معاها فلوس غير علي القد، مش فاكره التفاصيل كلها في الوقت ده، بس اللي فاكراه اني لقيت نفسي و بدون تردد قررت اني انزل اشتغل و اصزف علي نفسي و ده طبعا في عرف المستوي الاجتماعي اللي انا كنت فيه و في هذا الوقت، ما كنش شيء مالوف. بس نزلت و اشتغلت و نجحت نجاح فوق العاده بالنسبه لواحده في سني، علمتني المرحله دي حاجات كتير عن الدنيا و عن نفسي، مكنتش اعرف اني قويه كده و عندي قدره علي التحمل كده. ودي خلتني افهم ان التجارب مش لازم يكون ليها منفعه ماديه بس، لا ممكن تغيير شخصيتك بدرجه كبيره و بطريقه ايجابيه
المحطه التانيه
انشغلت بالشغل و ركزت اكتر مع النجاح خصوصا انا في سن صغيره بس للاسف فوجئت اني سقط في آخر سنه لي في الكليه و كان طبعا صدمه ليا علشان عمري ما فشلت في حاجه و احساس الفشل اول مره احسه و عشان كده قررت اقسم تركيزي بين الشغل و الكليه و الاتنين لازم ياخدوا حقهم، و مافيش حاجه تيجي علي حاجه، و الحمد لله نجحت و خلصت الكليه. السقوط بالنسبه لي ماكنش فشل و انهيار و مدخلتش في عزله و لا حاجه بالعكس ده حفزني و علمني ازاي اقسم وقتي بين الشغل و التعليم. اهم حاجه اتعلمتها اني ادي كل حاجه حقها، الشغل ليه وقته و التعليم له وقته حتي و الضحك و الهزار و اهلي و الناس اللي بحبهم لازم يكون لهم حق ووقت
المحطه الثالثه
اتخرجت من كليه الفنون الجميله و جتلي فرصه اني ادرس في انجلترا كورس يؤهلني اني اكون مراقبه جوده معتمده، و انا هناك زرت مصانع كتير و لاحظت ان المنتج الانجليزي الفاخر اللي موجود في السوبر ماركت اصلا متجمع من دول مختلفه، بس الفكره عندهم انهم عندهم معلومات عن المنتجات اللي بتتصدر وبتستورد من الدول التانيه، الاسعار الشركات، كل حاجه. بالنسبه لي الموضوع ده فضل في دماغي و فكرت ليه الصناعه المصريه ما يبقاش فيها التفكير الدولي ده، ليه بنفكر بس في المحيط الخاص بينا، ليه مش بنفكر بره الحدود اللي مقيدانا، و ده اللي اللي خلاني بقيت علي يقين اني لو عاوزه انجح يبقي من هنا ورايح، عمر ما المكان هيحددني، لازم ما يكنش عندي حدود، كل واحد عايش في دولته و في مكانه لكن انا لا، انا عايشه في الكون كله و هي دي حدودي
المحطه الرابعه
رجعت من انجلترا و اشتغلت في كذا وظيفه و كنت ناجحه فيها جدا بس كنت دايما حاسه ان سقف طموحاتي اكبر بكتير و حسه ان حدودي اكبر من اني اكون مجرد موظفه بتقبض مرتبها آخر الشهر و خلاص، كان عندي شغف اني اسيب علامه لي و لاولادي و اساعد الناس اللي حولي وفعلا لقيت اول فرصه لي لما ابتدأ ميراث والدي يتفك عنه الحظر و اتباع بعض الاملاك و و صادف في الوقت ده اني كنت بشتغل في احدي شركات البتروكيماويات و العزل و اكتسبت منهم خبره كبيره اوي لكن للاسف لاسباب اقتصاديه، قرروا يسبوا مصر، و طلبت منهم في الوقت ده اني اكمل ببعض منتجاتهم في مصر و اصنعها و اصدرها ووافقوا. قررت افتح مصنع، كان طبعا ده يعتبر جنان، بس كنت متاكده ان دي فرصه و لازم استغلها، و فعلا اخدنا الارض و ابتديت اقف مع العمال بايدي و احاول اخليهم يشاركوا حلمي اللي بحلمه لعيلتي الصغيره المتكونه من اولادي ووالدهم “رحمه الله عليه”
وواجهتنا مشاكل كتير بس طموحي كان اكبر بكتير من المشاكل. وكمان مريت بمواقف طريفة كثير. كان العمال مخضوضه او مكسوفه مثلا و هم بيتعاملوا معايا كوني امرأة و كانوا يستغربوا لما يلاقوني فجأة سقت عربيه نقل او فوركليفت او اطلب اني اكل معاهم، كنت دايما بحاول احفظ اساميهم و اعرف اسماء زوجاتهم و اسآل عليهم حتي انا فاكره في يوم لقيتهم كتبوا في ظهر عربيه من عربيات النقل “الاميره ريهام”، الحقيقه لما شفتها قلبي فرح قوي. الحاجات الصغيره دي كانت بتسعدني اوي. الحمد لله نجحنا نصدر لدول كتيره اوي
المحطه الخامسه
لظروف خاصه، خسرت المصنع، مش بس كده خسرت كل حاجه، حلمي و كمان بيتي و تقريبا رجعت لنقطه الصفر. كانت فتره قاسيه علي قوي بكل المقاييس سواء علي المستوي المادي او الاسري، لكن كان لازم افضل قويه علشان نفسي و علشان اولادي، عمري ما ندمت علي اي تجربه بل بالعكس، انا اكتشفت و عرفت نفسي اكتر و اكتر، عرفت قد ايه انا قويه و قد ايه انا عندي عزيمه و ان ما فيش حاجه هتكسرني، علشان كده قررت اني ماقفش و ابتديت احاول اقتحم مجال المنسوجات و الملابس الجاهزه و ابتديت من البيت علشان ما كنش معايا فلوس اجيب مكتب، كنت بتعامل مع الظروف الصعبه و بطوعها لمصلحتي، طموحاتي مش هتقف علشان ماعنديش مكان اقعد فيه. المكان اللي شالني هو بيت امي و حنيه امي و طبطبه امي و دعاء امي و تحملها لي انا و اولادي في بيتها من غير ما احس منها باي تعب، امي دي ست عظيمه اوي اوي. الحمد لله بفضل ربنا سبحانه و تعالي اولا و باستخدام التكنولوجيا و الانترنت و طبعا الخبره اللي اكتسبتها في التصدير قدرتها اجيب عملاء للتصدير و كملت و بعد سنتين الحمد لله، عرفت اشتري بيت صغير انا و الاولاد و استقرينا فيه
المحطه السادسه
حصلت ثوره ٢٥ يناير و طبعا كل حاجه وقفت، و ما باقتش عارفه اشتغل، بس عمري ما فقدت الامل، بغض النظر عن اي حاجه عديت بها سواد من خساره ماديه او الم نفسي لكن الحمد لله عمر اليقين بالله ما اتهزش مهما حصل بل بالعكس انا كنت شايفه و متاكده اني في خير كتير جاي بس هي دي محطه و بعدي عليها، بس احلي ما في المحطه دي، ان الخبره اللي اكتسبتها في الملابس و دخولي هذا المجال هو السبب في دعوتي لتاسيس بنك الكساء المصري احدي بنوك الخير التابعه لبنك الطعام و الشفاد المصري. الحمد لله أوي
المحطه السابعه
اتعرض علي من احدي الشركات الكبيره اني اقدم لهم استشارات لها علاقه بالتسويق و طبعا ده كان يعتبر بالنسبه لي فرصه، خاصه و ان الشغل مش ماشي قوي و كان في نفس الوقت ده هذه الشركه كانت بتشتري احدي الشركات اللي شغاله في التكنولوجيا و طلبوا مني لو ينفع اساعد في البيع و التسويق، لكن انا كنت شبه جاهله بهذا المجال، لكن كنت بحب اقرا كتير قوي و فعلا ابتديت اقرا و اتكلم معاهم اكتر و حصل لي شغف كبير بهذه الصناعه بل و بقيت شبه متاكده اني هعرف اطلع منها منتجات و لقيت نفسي بعرض عليهم اني اكون شريكه في هذه الشركه و تقريبا اديتهم كل اللي حيلتي علشان اشتري نسبه ، الحمد لله بعد ٣ سنين بعت حصتي منها بتقييم اعلي من الفلوس اللي استثمرت بها
المحطه الثامنه
بعد ما بعت حصتي في الشركه، قلت مش معقول هعرف اعمل حاجه تاني اكبر، لكن الحقيقه احلامي عمرها ما وقفت عند حاجه واحده و شغفي اني مابقاش في الدنيا كده و خلاص كان هو اللي عمال يغذي في طموحاتي و فعلا اشتغلت لمده ٦ شهور علي فكره جديده و ابتديت احاول ابلورها لغاية ما طلعت منصة “بيزنس بيلدر” وهي اول منصه علي الانترنت تساعد الشركات الناشئه و العامله في بناء فكرتهم من مرحله خطه العمل و معلومات السوق لدعم قراراتهم و الحمد لله رغم ان احنا لسه في البث التجريبي لكن معانا فوق ال٦٠٠ شركه بنحاول نساعدها توصل لحلمها و قدمت بها في المسابقه العالميه للابداع و كان مقدم فيها اكتر من ١٣٠ دوله ب ٨٠٠ مشروع من حول العالم و كانت النتيجه في شهر ٧/ ٢٠١٥ ، اني فزت و الحمد لله، ساعتها بس عرفت معني اني اكون خليفه ربنا في الارض، و ان كل النعم و الفضل اللي ادوهوني لازم اساعد بها الناس و اعمر الارض
انا مؤمنه ان محطاتي لسه ما خلصتش، بل و عندي احساس ان لي محطات تانيه بعد الحياه اللي احنا فيها بس انا معرفش عنها حاجه لسه، حتي الخبره و النظريات اللي عرفتها، بالنسبه لي الكون اوسع بكتير من وجهات نظرنا له
سآلتيني يا رانيا، مين اثر في حياتي، مش هكون مبالغه لو قلت لك كل واحد قابلته كان له تاثير علي، حتي و لو انسان بسيط، حتي الناس اللي تسببت في الم لي كان لهم تاثير ايجابي في حياتي
لكل منا أحلامه، وسواء أكانت هذه الأحلام كبيرة أم صغيرة، فإن لها أهمية كبيرة في حياتنا. ولا يجب أن نمنح ذلك الجزء المماطل داخل كل منا الفرصة للفوز. لذلك نصيحتي لكل مراة عايزة تكون ناجحة في حياتها :”لا تحلمي بالنجاح و لكن اعملي عليها” وانا عندي دايما قناعه قويه ان ارتفاع شأن المرأة القوية عمره ما بيحصل غير من خلال رفع شأن الآخرون المحيطين بها سواء كان اولادك، زملائك ؛ الناس اللي حوليكي
هي دي حكايتي بايجابيتها و سلبياتها، مش عارفه اذا كان ده هيلهم و يفيد ناس تانيه و لا لا بس علي الاقل هو كان مفيد لي، لان عمري ما قعدت اسجل محطاتي بالشكل ده و ابص عليها و اشكر ربنا و اقوله بحبك يا رب